ومنها (١) ما روي عن رشيق حاجب المادرائي (٢) ، قال : بعث إلينا المعتضد (٣) ، وأمرنا أن نركب ـ ونحن ثلاثة نفر ـ ونخرج مخفّين على السروج ونجنب اخرى ، وقال : «ألحقوا بسامرّاء واكبسوا دار الحسن بن عليّ فإنّه توفّى ، ومن رأيتم في داره فأتوني برأسه».
فكبسنا الدار كما أمرنا ، فوجدناها دارا سريّة كأنّ الأيدي رفعت عنها في ذلك الوقت ، فرفعنا الستر وإذا سرداب في الدار الاخرى ؛ فدخلناها ، وكان بحرا فيها ، وفي أقصاه حصير ـ وقد علمنا أنّه على الماء ـ وفوقه رجل من أحسن الناس هيئة قائم يصلّي ، فلم يلتفت إلينا ولا إلى شيء من أسبابنا. فسبق أحمد بن عبد الله ليتخطّى ، فغرق في الماء ، وما زال يضطرب حتّى مددت يدي إليه فخلّصته وأخرجته ، فغشي عليه وبقي ساعة ، وعاد صاحبي الثاني إلى فعل ذلك ، فناله مثل ذلك ، فبقيت مبهوتا ، فقلت لصاحب البيت : «المعذرة إلى الله وإليك ، فو الله ما علمت كيف الخبر وإلى من نجيء ، وأنا تائب إلى الله».
فما التفت إليّ بشيء ممّا قلت ، فانصرفنا إلى المعتضد ؛ فقال : «اكتموه ، وإلّا ضربت رقابكم».
__________________
(١) ـ الخرائج : الباب السابق ، ١ / ٤٦٠ ، ح ٥. وما يقرب منه في الغيبة للطوسي : ٢٤٨ ـ ٢٤٩ ، ح ٢١٨. عنه البحار : ٥٢ / ٥١ ، ح ٣٦.
(٢) ـ المصدر : المادراني. وفي الغيبة : «صاحب المادرائي». لم أعثر على ترجمته.
وذكر الطبري (١٠ / ١٦ و ٤٢ ، سنة ٢٧٦ و ٢٨٢) من عمال العباسيين : إبراهيم بن أحمد الماذرائي. والله أعلم.
(٣) ـ الخليفة العباسي. ولعله تصحيف «المعتمد». فإنه الذي كان على سرير الحكومة عند شهادة الإمام العسكرى عليهالسلام.