وجّه قوم من المفوّضة (١) كامل بن إبراهيم المدني (٢) إلى أبي محمّد ؛ قال : فقلت في نفسي لمّا دخلت عليه : أسأله عن الحديث المروي عنه عليهالسلام : «لا يدخل الجنّة إلّا من عرف معرفتي». وكنت جلست إلى باب عليه ستر مرخيّ ، فجاءت الريح فكشفت طرفه ؛ فإذا أنا بفتى كأنّه فلقة قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها ؛ فقال لي : «يا كامل بن إبراهيم» ؛
فاقشعررت من ذلك والهمت أن قلت : «لبيك يا سيّدي».
فقال : «جئت إلى وليّ الله تسأله : لا يدخل الجنّة إلّا من عرف معرفتك وقال كمقالتك»؟ قلت : «إي والله».
قال : «إذا والله يقلّ داخلها ، والله إنّه ليدخلها قوم يقال لهم : الحقّية». قلت : «ومن هم»؟
قال : «قوم من حبّهم لعليّ يحلفون بحقّه ولا يدرون ما حقّه وفضله ، إنّهم قوم يعرفون ما يجب عليهم معرفته جملا ـ لا تفصيلا ـ من معرفة الله ، ورسوله والأئمّة ونحوها».
ـ ثمّ قال : ـ «وجئت تسأل عن مقالة المفوّضة؟ كذبوا ؛ بل قلوبنا أوعية لمشيّة الله ، فإذا شاء الله شئنا ، والله يقول : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) [٧٦ / ٣٠]».
فقال لي أبو محمّد : «ما جلوسك؟ فقد أنبأك بحاجتك».
__________________
(١) ـ في الغيبة : «المفوضة والمقصرة». المفوضة : هنا فرقة من الغلاة اعتقدوا أنّ الله تعالى خلق محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ فوّض إليه تدبير الخلائق ، ثمّ الأمر إلى الأئمة من بعده.
راجع مقالات الإسلاميين : ١ / ٨٨. فرهنگ فرق اسلامي : ٤٢٤ ـ ٤٢٥.
(٢) ـ لم أعثر على ترجمته.