سمعته يقول : «إيّاكم والتنوية (١) ، أما والله ليغيبنّ إمامكم شيئا (٢) من دهركم ، وليمحصنّ حتّى يقال : «مات أو هلك ، وبأيّ واد سلك» ، ولتدمعنّ عليه عيون المؤمنين ، ولتكفؤنّ كما تكفأ السفن في أمواج البحر ، ولا ينجو إلّا من أخذ الله ميثاقه ، وكتب في قلبه الإيمان ، وأيّده بروح منه ، ولترفعنّ اثنتا عشرة راية متشبّهة (٣) لا يدرى أيّ من أيّ».
ـ قال : ـ فبكيت. فقال : «ما يبكيك ـ يا با عبد الله»؟
فقلت : «فكيف لا أبكي وأنت تقول : «ترفع له اثنتا عشرة رأية متشبهة لا يدرى أيّ من أيّ» ، فكيف نصنع»؟
قال : فنظر إلى شمس داخلة في الصفّة ، فقال : «يا با عبد الله ـ ترى هذه الشمس»؟ قلت : «نعم».
قال : «والله لأمرنا أبين من هذه الشمس».
وبإسناده (٤) عن سدير الصيرفي (٥) ، قال : دخلت ـ أنا والمفضّل بن
__________________
(١) ـ ناه الشيء ، ينوه : ارتفع. قال المؤلف في بيان الحديث (الوافي : ٢ / ٤١١) التنويه : التشهير والدعوة ، كأنّه يعني لا تشهروا أنفسكم ، أو لا تدعوا الناس إلى دينكم.
(٢) ـ المصدر : سنينا من دهركم.
(٣) ـ المصدر : مشتبهة. (وكذا فيما يلي).
(٤) ـ كمال الدين : الباب ٣٣ ، ما أخبر به الصادق عليهالسلام من وقوع الغيبة ، ح ٥٠ ، ٣٥٢ ـ ٣٥٧.
الغيبة للطوسي : ١٦٧ ـ ١٧٣ ، الحديث ١٢٩ ، مع فروق في اللفظ.
البحار : ٥١ / ٢١٩ ، ح ٩.
(٥) ـ سدير بن حكيم بن صهيب الصيرفي ، من أصحاب السجاد والباقر والصادق عليهمالسلام.
ورد فيه روايات مادحة وقادحة ؛ قال في معجم الرجال (٨ / ٣٧ ، الرقم ٤٩٨٢) : «... لا يمكن الاستدلال بشيء من الروايات على مدح سدير ولا على قدحه ، لكنه مع ذلك يحكم بأنه ثقة من جهة شهادة جعفر بن محمد بن قولويه وعلي بن إبراهيم في تفسيره بوثاقته».