من جملة موانع أبيك أمير المؤمنين عليهالسلام من منازعة أبي بكر وعمر ومن رغب في نيل الدنيا بطريقهما ، ممن يرجوا أن يحصل له منهما إذا حصل لهما ولاية ـ من الحطام ـ ما لا يرجوه بولاية أبيك عليّ عليهالسلام ؛ لأنّهم عرفوا منه عليهالسلام أنّه ما يعمل بغير الحقّ الذي لا تصبر عليه النفوس.
فلو أنّ أباك أمير المؤمنين عليهالسلام نازع أبا بكر ـ منازعة المقاتلة والمقاهرة ـ أدّى ذلك إلى أن يصير أهل المدينة حربا وأهل ردّة ظاهرة ، وكان أهل مكّة ـ الذين ذكر أنّهم ما ارتدّوا ـ قد اسلموا لمّا هجم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالعساكر التي عجزوا عنها ، وملكهم قهرا وبغتة ، على صفة ما كانوا يقدرون على التخلّص منها ، فكان إسلامهم إسلام المقهور ؛ فمتى وجد من يساعده على زوال القهر عنه ما يؤمن منه ارتداده عمّا قهر عليه من الإسلام.
فما كان بقي ـ على ما ذكر المروزي وغيره ـ ما ارتدّ من سائر أهل تلك البلاد إلّا الطائف ـ وأيّ مقدار للطائف مع ارتداد ساير الطوائف ـ. فلولا تسكين أبيك أمير المؤمنين عليهالسلام لذلك البغي والعدوان بترك المحاربة لأبي بكر ومساعدته لأهل المدينة على الذين ارتدّوا عن الإسلام والإيمان ، وطفؤ تلك النيران (١) ، كان قد ذهب ذلك الوقت الإسلام بالكلّية ، أو كاد يذهب ما يمكن ذهابه منه بتلك الاختلافات المرويّة (٢).
__________________
(١) ـ المصدر : وإطفاء تلك النيران.
(٢) ـ يحتمل القراءة : المردية. المصدر : الرديئة.