فلمّا كان ذلك من شأنهم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوّكم. فقلتم : «كلّت سيوفنا ، ونصلت أسنّة رماحنا ، وعاد أكثرها قصيدا (١) فأذن لنا فلنرجع ، ولنستعدّ بأحسن عدّتنا ، وإذا نحن رجعنا زدنا في مقاتلتنا عدّة من قتل منّا».
حتّى إذا ظللتم على النخيلة (٢) أمرتكم أن تلزموا معسكركم ، وأن تضمّوا إليه قواصيكم (٣) ، وأن توطّنوا على الجهاد نفوسكم ، ولا تكثروا زيارة أبنائكم ولا نسائكم ، فإنّ أصحاب الحرب مصابروها وأهل التشمير فيها ، والذين لا يتوجّدون من سهر ليلهم ، ولا ظمأ نهارهم ، ولا فقدان أولادهم ولا نسائهم.
وأقامت طائفة منهم معدّة ، وطائفة دخلت المصر عاصية ، فلا من دخل المصر عاد إليّ ، ولا من أقام منكم ثبت معي ولا صبر. ولقد رأيتني وما في عسكري منكم خمسون رجلا ؛ فلمّا رأيت ما أنتم عليه دخلت عليكم ، فما قدّر لكم أن تخرجوا معي إلى يومكم هذا.
[تحريض الناس إلى القتال]
لله أبوكم ـ ألا ترون إلى مصر قد افتتحت ، وإلى أطرافكم قد انتقصت ، وإلى مسالحكم (٤) ترقى ، وإلى بلادكم تغزى ، وأنتم ذو عدد جمّ ، وشوكة شديدة ، وأولو بأس قد كان مخوفا؟
__________________
(١) ـ النصل : حديدة الرمح والسهم. نصلت أسنة الرماح : خرجت. قصيدا : متكسرا.
(٢) ـ كان معسكره عليهالسلام خارج الكوفة.
(٣) ـ الكشف والمعادن : نواصيكم.
(٤) ـ المسالح ـ جمع المسلحة ـ : موضع السلاح.