* * *
فبعثت جرير بن عبد الله (١) إلى معاوية معذّرا إليه ، متّخذا للحجّة عليه ؛ فردّ كتابي ، وجحد حقّي ، ودفع بيعتي ؛ فبعث إليّ أن «ابعث إليّ قتلة عثمان».
فبعثت إليه : «ما أنت وقتلة عثمان؟ أولاده أولى به ، فادخل أنت وهم في طاعتي ، ثمّ خاصم القوم لأحملكم وإيّاهم على كتاب الله ، وإلّا فهذه خدعة الصبيّ عن رضاع الملء».
فلمّا يئس من هذا الأمر بعث أن : «اجعل الشام لي في حياتك ، فإن حدث بك حادثة من الموت لم يكن لأحد عليّ طاعة».
وإنّما أراد بذلك أن يخلع طاعتي من عنقه ، فأبيت عليه ؛ فبعث إليّ : «إنّ أهل الحجاز كانوا الحكّام على أهل الشام ، فلمّا قتلوا عثمان صار أهل الشام الحكّام على أهل الحجاز».
فبعثت إليه : «إن كنت صادقا فسمّ لي رجلا من قريش الشام تحلّ له الخلافة ويقبل في الشورى ، فإن لم تجده سمّيت لك من قريش الحجاز من تحلّ له الخلافة ويقبل في الشورى».
ونظرت إلى أصل الشام ، فإذا هم بقيّة الأحزاب ، فراش نار وذباب طمع ، تجمّع من كلّ أوب ممّن ينبغي له أن يؤدّب ويحمل على
__________________
(١) ـ جرير بن عبد الله البجلي ، قال نصر بن مزاحم (وقعة صفين : ١٥) : «لما بويع علي وكتب إلى العمال في الآفاق ، كتب إلى جرير بن عبد الله البجلي ، وكان جرير عاملا لعثمان على ثغر همدان ...».
راجع تفصيل ما كان من جرير ومبايعته لأمير المؤمنين عليهالسلام ، ثم رسالته إلى معاوية في وقعة صفين ١٥ ـ ٣٣ و ٤٦ ـ ٦١.