وقد كان طلحة لمّا نزلت ذاقار (١) قام خطيبا فقال : «يا أيّها الناس إنّا أخطأنا في أمر عثمان ، خطيئة ، ما يخرجنا منها إلّا الطلب بدمه ، وعليّ قاتله ، وعليه دمه ؛ وقد نزل دارا مع شكّاك اليمن ، ونصارى ربيعة ، ومنافقي مضر».
فلمّا بلغني قوله ـ وقول كان عن الزبير قبيح ـ بعثت إليهما اناشدهما بحقّ محمّد المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما أتيتماني وأهل مصر محاصروا عثمان ، فقلتما : «اذهب بنا إلى هذا الرجل ، فإنّا لا نستطيع قتله إلّا بك ، لما تعلم أنّه سيّر أبا ذر ، وفتق عمّارا ، وآوى الحكم بن أبي العاص ـ وقد طرده رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبو بكر وعمر ـ واستعمل الفاسقين على كتاب الله ـ الوليد بن عقبة (٢) ـ ، وسلّط خالد بن عرفطة العذري (٣) على كتاب الله يمزّق ويخرق (٤)»؟ فقلت : «كلّ هذا قد علمت ؛ ولا أرى قتله يومي هذا ، وأوشك سقاؤه أن يخرج المخض زبدته (٥)».» ، فأقرّا بما قلت.
__________________
(١) ـ ذو قار : قال الياقوت (معجم البلدان : ٤ / ١٠ ، قار) ماء لبكر بن وائل قريب من الكوفة بينها وبين واسط.
(٢) ـ في الكشف والمعادن : الفاسق. وقد سمى الله تعالى في كتابه الوليد بن عقبة فاسقا ، وفيه نزلت قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) [٤٩ / ٦] ، وقوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) [٣٢ / ١٨].
راجع الدر المنثور : ٧ / ٥٥٥ ـ ٥٥٨. و ٦ / ٥٥٣.
(٣) ـ كان على مقدمة جيش ابن سعد لما مضى إلى الحسين عليهالسلام. راجع إخبار علي عليهالسلام لذلك في شرح ابن أبي الحديد : ٢ / ٢٨٧. و ١٦ / ٤٧.
ومات بالكوفة سنة ستين وقيل : إحدى وستين. اسد الغابة : ١ / ٥٨٠ ، الترجمة ١٣٧٩.
(٤) ـ كشف المحجة : يمزقه ويخرقه.
(٥) ـ مثل يضرب به لاقتراب الأمر نهايته بعد اضطرابه.
السقاء : وعاء من الجلد يمخض فيه اللبن.