ولكنّهم لا يجدون إلى ذلك سبيلا. إنّما حقّي على هذه الامّة كرجل له حقّ على قوم إلى أجل معلوم ، فإن أحسنوا وعجّلوا له حقّه قبله ، وإن أخّروه إلى أجله أخذه غير حامد ؛ وليس يعاب المرء بتأخير حقّه ، إنّما يعاب من أخذ ما ليس له.
[سبب قعوده عليهالسلام عن إقامة حقه]
وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عهد إليّ عهدا ، فقال :
«يا بن أبي طالب ـ لك ولاء أمّتي ، فإن ولّوك في عافية وأجمعوا عليك بالرضا ، فقم بأمرهم ؛ وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه ، فإنّ الله سيجعل لك مخرجا».
فنظرت ، فإذا ليس لي رافد ، ولا معي مساعد إلّا أهل بيتي ؛ فضننت بهم عن الهلاك ؛ ولو كان لي بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عمّي حمزة وأخي جعفر لم ابايع كرها ، ولكنّي منيت برجلين [حديثي عهد بالإسلام (١)] : العبّاس وعقيل ؛ فضننت بأهل بيتي عن الهلاك ، فأغضيت عيني على القذى ، وتجرّعت ريقي على الشجا ، وصبرت على أمرّ من العلقم (٢) ، وآلم للقلب من حزّ الشفار (٣).
__________________
(١) ـ في النسخة : «حديثي العهد باسار». ثم استدرك في الهامش : «عهد ـ ل» بدلا من العهد.
وما أوردناه في المتن من الكشف والمعادن.
(٢) ـ جاء ما يقرب منه في نهج البلاغة : الخطبة : ٢٦. العلقم : الحنظل وكل شيء مرّ.
(٣) ـ الحزّ : القطع. الشفار : جمع الشفرة. وهي السكين الكبيرة وحد السيف.