وقال ـ رحمهالله ـ (١) : «ومهما وجدت في الكتب شيئا منسوبا إلى أبي بكر وعمر وأعداء عليّ عليهالسلام من الآداب والحكم والخطب والصواب ، فاعلم أنّها موضوعة وليست من ألفاظ أولئك المتغلّبين ، وأنّ أكثرها نسب إليهم في أيّام معاوية وابنه يزيد وأيّام بني أميّة ، وما كان منها في أيّامهم فهي من أهل الكتابة والخطابة من الصحابة ، الذين لهم عادة بالإصابة.
لأنّ أبا بكر وعمر وعثمان ، ما عرفنا أبدا منهم في الجاهليّة مقاما ولا مقالا يقتضي تصديق نسبة الفصاحة إليهم ، ولا كانوا من هذا القبيل ، ولا عوّل فيها أحد عليهم.
فأمّا ما ذكر عنهم ـ من ألفاظ المكاتبات ـ أيّام خلافتهم ، فالعادة جارية في مثلهم ممّن لم يعرف الفصاحة أوقات ولايتهم أنّهم يستخدمون من ينشئ المكاتبات والجوابات ؛ كما ترى للمهاليك من الأمراء الترك عند ولايتهم كتبا وجوابات منسوبة إليهم ، ومن المعلوم أنّ نوّابهم وأصحابهم عوّلوا في إنشائها عليهم.
وأمّا ما يتعلّق بالخطب والحكمة : فإنّ بني اميّة لمّا تظاهروا بلعن أمير المؤمنينعليهالسلام على المنابر ، تقرّب الطالبون للدنيا إليهم بوضع المناقب والفضائل لكلّ عدوّ له عليهالسلام من الأواخر والأوائل ، تقيّة وطلبا للامور الدنيويّة ، وحسدا له على الشرف بالسعادة النبويّة».
__________________
(١) ـ كشف المحجة : الفصل السادس والتسعون ، ١٢٨.