فصل (١) [١١]
[علمه تعالى بذاته]
وإذ هو سبحانه بسيط الحقيقة منزّه الذات عن الموضوع والمادّة والعوارض وسائر ما يجعل الذات بحال زائدة ، ويريها على غير ما هي عليه : فلا ليس له ، فهو صراح (٢) ، وذاته غير محتجبة عن ذاته ؛
فهو ظاهر بذاته على ذاته ،
فهو يدرك ذاته أشدّ إدراك ، ويعلمها أتمّ علم ، لظهورها له أشدّ ظهور.
بل لا نسبة لعلمه بذاته إلى علوم من سواه بذواتهم ، كما لا نسبة بين وجوده ووجودات الأشياء ، حيث هو وراء ما لا يتناهى ، بما لا يتناهى (٣).
__________________
(١) ـ عين اليقين : ٣٠٧.
(٢) ـ الصراح : الخالص من كلّ شيء.
(٣) ـ أضيف في علم اليقين : فعلمه بذاته عبارة عن كون ذاته ظاهرة لذاته ، ولا يوجب ذلك أن يكون هناك اثنينية في الذات ولا في الاعتبار ، فإنه ليس إلا اعتبار أن له حقيقة ظاهرة بذاته ، هي ذاته ، وأنه حقيقة ظاهرة ذاته له ؛ ففي الاعتبار تقديم وتأخير في ترتيب المعاني ، والغرض المحصل شيء واحد ، ولا يجوز أن يحصل حقيقة الشيء مرتين ، فذاته ـ سبحانه ـ مع وحدته الصرفة عالم ومعلوم وعلم ؛ على أنك دريت ذلك في كل علم.