فقال : «هؤلاء الذين يأكلون الحرام ، ويدعون الحلال ، وهم من أمّتك ـ يا محمّد».
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «ثمّ رأيت ملكا من الملائكة جعل الله أمره عجبا : نصف جسده النار ، ونصفه الآخر ثلجا ـ فلا النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفئ النار ـ وهو ينادي بصوت رفيع ويقول : «سبحان الذي كفّ حرّ هذه النار ، فلا تذيب الثلج ، وكفّ برد هذا الثلج ، فلا يطفئ حرّ هذه النار ، اللهم مؤلّف بين الثلج والنار ، ألّف بين قلوب عبادك المؤمنين». فقلت : «من هذا ـ يا جبرئيل»؟
فقال : «هذا ملك وكّله الله بأكناف السماء وأطراف الأرضين ، وهو أنصح ملائكة الله لأهل الأرضين من عباده المؤمنين ، يدعو لهم بما تسمع منذ خلق».
وملكان يناديان في السماء ، أحدهما يقول : «اللهم اعط كلّ منفق خلفا» ، والآخر يقول : «اللهم اعط كلّ ممسك تلفا».
* * *
ثمّ مضيت ، فإذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشفر الإبل (١) ، يقرض اللحم من جنوبهم ويلقى في أفواههم. فقلت : «من هؤلاء ـ يا جبرئيل»؟
فقال : «هؤلاء الهمّازون اللمّازون».
ثمّ مضيت ، فإذا أنا بأقوام ترضخ (٢) رءوسهم بالصخر ، فقلت : «من هؤلاء ـ يا جبرئيل»؟
__________________
(١) ـ المشفر : الشفه ، وأخص استعماله للبعير.
(٢) ـ الرضخ : الدقّ والكسر (النهاية : ٢ / ٢٢٩).