فصل [٨]
قيل في قوّة حواسّه صلىاللهعليهوآله : إنّه كان لسمعه قوّة يسمع بها ما يخفي عن غيره حتّى كان يسمع صرير الأقلام في تصاريف الأحكام.
ولبصره قوّة يبصر بها الأشياء الدقيقة القاصية ، كما أخبر برؤية قصور الشام واليمن(١) ، وجسد النجاشي (٢) ؛ بل كان لبصره نفوذ إلى الملأ الأعلى.
وقال : «إنّي لأجد ريح الجنّة دون احد» ، و «إنّي أشمّ ريح الرحمن من قبل اليمن» (٣) ـ يخبر عن اويس (٤) ـ.
ويكفي في قوّة حواسّه ثبوت سمعه وبصره وقلبه لسماع خطاب ربّ العالمين ومشاهدة آياته الكبرى.
__________________
(١) ـ أخرج البيهقي (دلائل النبوة : باب ما ظهر في حفر الخندق من دلائل النبوة ، ٣ / ٤٢١) : «... عرض لنا في بعض الخندق صخرة عظيمة ... فلما رآها صلىاللهعليهوآله أخذ المعول وقال : بسم الله ، وضرب ضربة فكسر ثلثها ، فقال : الله أكبر ، اعطيت مفاتيح الشام ، والله إني لأبصر قصورها الحمر إن شاء الله ، ... فقال : الله أكبر اعطيت مفاتيح اليمن ، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني الساعة».
(٢) ـ أورد الطبري (التاريخ : ٣ / ١٢٢ ، وقائع سنة ٩) : «وفيها نعى رسول الله صلىاللهعليهوآله للمسلمين النجاشي ، وإنه مات في رجب سنة تسع».
(٣) ـ أخرج الطبراني (المعجم الكبير ، ٧ / ٥٢ ، ح ٦٣٥٨) : «قال صلىاللهعليهوآله وهو مولّ ظهره إلى اليمن : إني أجد نفس الرحمن من هاهنا». وفي المسند (٢ / ٥٤١) : «ألا إن الإيمان يمان ، والحكمة يمانية ، وأجد نفس ربّكم من قبل اليمن».
(٤) ـ أبو عمرو اويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني اليماني ، الزاهد المعروف ، استشهد بصفين في حرب معاوية ، راجع أخباره في حلية الأولياء : ٢ / ٧٩ ـ ٨٧. سير أعلام النبلاء : ٤ / ١٩ ـ ٣٣. طبقات ابن سعد : ٦ / ١٦١ ـ ١٦٥.