وقد تبعك العرب
والعجم طوعا وكرها ، وكأنّي باللات والعزّى قد كسّرتهما ، وقد صار البيت العتيق لا
يملكه غيرك ، تضع مفاتيحه حيث تريد ، كم من بطل من قريش والعرب تصرعه ، معك مفاتيح
الجنان والنيران ، معك الذبح الأكبر وهلاك الأصنام ، أنت الذي لا تقوم الساعة حتّى
يدخل الملوك كلّها في دينك صاغرة قمئة ».
فلم يزل يقبّل
يديه مرّة ورجليه مرّة ، ويقول : «لئن أدركت زمانك لأضربنّ بين يديك بالسيف ضرب
الزند بالزند ؛ أنت سيّد ولد آدم ، وسيّد المرسلين وإمام المتّقين وخاتم النبيّين.
والله لقد ضحكت الأرض يوم ولدت فهي ضاحكة إلى يوم القيامة ـ فرحا بك ـ والله لقد
بكت البيع والأصنام والشياطين ، فهي باكية إلى يوم القيامة ؛ أنت دعوة إبراهيم ،
وبشرى عيسى ، أنت المقدّس المطهّر من أنجاس الجاهليّة».
ثمّ التفت إلى أبي
طالب فقال : «ما يكون هذا الغلام منك؟ فإنّي أراك لا تفارقه».
فقال أبو طالب : «هو
ابني».
فقال : ما هو
بابنك ، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون والده الذي ولّده حيّا ولا أمّ».
فقال : «فإنّه ابن
أخي ، وقد مات أبوه وأمّه حامل [ة] به ، وماتت أمّه وهو ابن ستّ سنين».
فقال : «صدقت ـ هكذا
هو ـ ولكن أرى لك أن تردّه إلى بلدة عن هذا الوجه ، فإنّه ما بقي على ظهر الأرض
يهوديّ ولا نصرانيّ و
__________________