فصل [٥]
[بشارة بحيرا وأبو المويهب]
وممّن عرفه بصفته ونعته ونسبه واسمه قبل ظهوره بالنبوّة ، وكان من المنتظرين لخروجه : بحيراء الراهب وأبو المويهب الراهب ، وغيرهما من أكابر الرهبان.
وقد بصر به بحيرا في طريق الشام (١) ، وكان صلىاللهعليهوآله قد خرج إليه مع عمّه أبي طالب للتجارة ، وقد ظلّلته الغمامة ، فاستقبلته صومعة بحيرا ، فنزل تحت شجرة عظيمة ، قليلة الأغصان ليس لها حمل ، فاهتزّت وألقت أغصانها عليه وحملت من ثلاثة أنواع من الفاكهة ـ فاكهتان للصيف وفاكهة للشتاء ـ.
فعرفه بحيرا بعلاماته ، وأضافه بطعام قليل ، فشبع منه رجال كثير ، ثمّ سأله عن نومه ويقظته وهيأته وجميع شأنه ، فأخبره صلىاللهعليهوآله بجميع ذلك ؛ فوافق ـ ما عند بحيرا من صفته ـ التي عنده.
فانكبّ عليه بحيرا يقبّل رجله ويقول : «يا بنيّ ـ ما أطيبك وأطيب ريحك ، يا أكثر النبيّين أتباعا ، يا من بهاء نور الدنيا من نوره ، يا من بذكره تعمر المساجد ، كأنّي بك قد قدت الأجناد والخيل الجياد ،
__________________
(١) ـ ما أورده ـ قدسسره ـ اقتباس مما جاء في كمال الدين : باب في خبر بحيرا الراهب : ١٨٢ ـ ١٨٨ ، ح ٣٣. عنه البحار : ١٥ / ١٩٣.
راجع أيضا سيرة ابن هشام : ١ / ١٨٠. دلائل النبوّة : باب ما جاء في خروج النبيّ مع أبي طالب حين أراد الخروج إلى الشام ... ، ٢ / ٢٤ ـ ٢٩. الروض الانف : ١ / ٢٠٥ ـ ٢٠٧.