بنعمتي وآثرتهم بكرامتي واخترتهم لنفسي ، وأنّ بني إسرائيل كانوا كالغنم الشاردة التي لا راعي لها فرددت شاردها ، وجمعت ضالّتها ، وداويت مريضتها ، وجبرت كسيرها ، وحفظت سمينها ، فلمّا فعلت ذلك لها بطرت ، فتناطح كباشها ، فقتل بعضها بعضا ؛ فويل لهذه الامّة الخاطئة وويل لها وللقوم الظالمين.
إنّي قضيت يوم خلقت السماوات والأرض قضاء حتما ، وجعلت لها أجلا مؤجّلا لا بدّ منه ، فإن كانوا يعلمون الغيب فليخبروك متى حتمه وفي أيّ زمان يكون ذلك؟ فإنّي مظهره على الدين كلّه ، وليخبروك متى يكون هذا؟ ومن القيّم به؟ ومن أعوانه وأنصاره؟ إن كانوا يعلمون.
فإنّي باعث بذلك رسولا من الاميّين ، ليس بفظّ ولا غليظ ، ولا صخّاب ، ولا عيّاب ولا مدّاح ، ولا قوّال للفحش والخنا ، اسدّده لكلّ جميل ، وأهب له كلّ خلق كريم ، أجعل التقوى شعاره ، والحكمة منطقه ، والصدق والوفاء طبيعته ، والعفو والمعروف خلقه ، والحقّ شريعته ، والعدل سيرته ، والإسلام ملّته.
أرفع به من الوضيعة ، واغني به من العيلة ، واهدي به من الضلالة ، وأؤلف به بين قلوب متفرّقة وأهواء لي وإخلاصا لما جاء به رسولي الأعظم ، وألهمهم التسبيح والتقديس والتحميد في مساجدهم وصلواتهم ومنقلبهم ومثواهم.
يخرجون من ديارهم وأموالهم ابتغاء مرضاتي ، يقاتلون في سبيلي صفوفا ، ويصلّون لي قياما وركوعا وسجودا ، ويكبّروني على كلّ شرف ؛ رهبان الليل ، اسد النهار ـ ذلك فضلي اوتيه من أشاء وأنا ذو الفضل العظيم ـ».