هابيل صاحب غنم ، وكان قابيل صاحب زرع ، فقرّب هابيل كبشا ، وقرّب قابيل من زرعه ما لم ينقّ ؛ وكان كبش هابيل من أفضل غنمه ، وكان زرع قابيل غير منقّى ، فتقبّل قربان هابيل ، ولم يتقبّل قربان قابيل ؛ وهو قول الله ـ عزوجل ـ : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) ـ إلى آخر الآية ـ [٥ / ٧٢].
وكان القربان إذا قبل تأكله النار ، فعمد قابيل (١) فبنى لها بيتا ، وهو أوّل من بنى للنار البيوت ، وقال لأعبدنّ هذه النار حتّى تقبل قرباني.
ثمّ إنّ عدوّ الله ـ إبليس ـ قال لقابيل : «إنّه قد تقبّل قربان هابيل ، ولم يتقبّل قربانك ، وإن تركته يكون له عقب يفتخرون على عقبك» ؛ فقتله قابيل ؛ فلمّا رجع إلى آدم عليهالسلام قال له : «يا قابيل ـ أين هابيل»؟ فقال : «ما أدري ؛ وما بعثتني راعيا له». فانطلق آدم فوجد هابيل مقتولا ، فقال : «لعنت من أرض كما قبلت دم هابيل». فبكى آدم على هابيل أربعين ليلة.
ثمّ إنّ آدم سأل ربّه ـ عزوجل ـ أن يهب له ولدا ، فولد له غلام سمّاه «هبة الله» ، لأن الله ـ عزوجل ـ وهبه له ، فأحبّه آدم حبّا شديدا ؛ فلمّا انقضت نبوّة آدم واستكملت أيّامه أوحى الله ـ تعالى ـ إليه : «أن يا آدم قد انقضت نبوّتك واستكملت أيّامك ، فاجعل العلم الذي عندك ، والإيمان
__________________
(١) ـ في المصدر والكافي : فعمد قابيل إلى النار فبنى ...