كلّ ما يشين ويضع من الامور ، وتسمو نفسه بالطبع إلى الأرفع منها ، ويختار من كلّ شيء عقيلته ، ويجتنب عن سفساف الامور ، ويكره خداجها وسقطها ؛ اللهمّ إلّا لرياضة النفس والاكتفاء بأيسر امور هذه الدار وأخفّها ، وذلك لأنّ فى الأشرف مزيد قرب من العناية الاولى.
[٨] وأن يكون رءوفا عطوفا على خلق الله أجمع لا يعتريه الغضب عند مشاهدة المنكر ، ولا يعطّل حدود الله من غير أن يهمّه التجسّس ؛ وكيف لا؟ وهو شاهد بسرّ الله في لوازم القدر.
[٩] وأن يكون شجاع القلب غير خائف من الموت ؛ وكيف لا؟ والآخرة خير له من الاولى ، فيكون قويّ العزيمة على ما يرى ينبغي أن يفعل ، جسورا مقداما عليه ـ لا ضعيف النفس.
[١٠] وأن يكون جوادا ، لأنّه عارف بأنّ خزائن رحمة الله لا تبيد ولا تنقص.
[١١] وأن يكون أهشّ خلق الله إذا خلا بربّه ، لأنّه عارف بالحقّ وهو أجلّ الموجودات بهجة وبهاء.
[١٢] وأن يكون غير جموح ولا لجوج ، سلس القياد إذا دعي إلى العدل ، صعب القياد إذا دعي إلى الجور والقبيح.
والمفطور على هذه الصفات لا يكون إلّا الآحاد كما قيل :