فلقلبه بابان مفتوحان : أحدهما ـ وهو الباب الداخلاني ـ إلى مطالعة اللوح والذكر الحكيم ، فيعلّمه علما يقينيّا لدنيّا ، من عجائب ما كان أو سيكون ، وأحوال العالم ـ ما مضى وما سيقع ـ وأحوال القيامة والحشر والحساب ، ومآل الخلق إلى الجنّة أو النار ؛ وإنّما ينفتح هذا الباب لمن توجّه إلى عالم الغيب ، وأفرد ذكر الله على الدوام.
والثاني : إلى مطالعة ما في الحواسّ ليطّلع على سوانح مهمّات الخلق ويهديهم إلى الخير ، ويردعهم عن الشرّ ؛ فيكون قد استكملت ذاته في كلتي القوّتين ، آخذا بحظّ وافر من نصيب الوجود والكمال من الله سبحانه بحيث يسع الجانبين ، ويوفي حقّ الطرفين ؛ وهذا أكمل مراتب الإنسانيّة (١).
فصل [٥]
[صفات النبي]
ومن لوازم الخصائص المذكورة اثنتا عشرة صفة مفطورة له ، عدّدها بعض المحقّقين (٢) وهي :
[١] أن يكون جيّد الفهم لكلّ ما يسمعه ويقال له على ما يقصده القائل ، وعلى ما هو الأمر عليه ـ
__________________
(١) ـ النسخة : المراتب الإنسانية (التصحيح قياسي).
(٢) ـ الشواهد الربوبية : المشهد الخامس ، الشاهد الأول ، الإشراق العاشر : ٣٥٧.
راجع أيضا آراء أهل المدينة الفاضلة : الفصل الثامن والعشرون : ١٢٧.