حتّى تصل إلى معرفة تلك الشمعة ، وتنظر حقيقة ما هي عليه من الضياء» (١).
فقبل ذلك الغرّ المتعرّف ، من ذلك الاستاذ المتكلّف ، وسافر مدّة من الأوقات ، فتارة يرى جبالا وعقبات ، فلا يظهر له من حديث الشمعة كثير ولا قليل ، وتارة يرى ضوء ، فيقول : «لعلّه ضوء تلك الشمعة» ، ويستنجد بمساعدة الرفيق والدليل ؛ فإن عجز من تمام المسافة وقطع الطريق ، بما يرى فيه من العقبات والتطويل والتضييق ، هلك المسكين ورجع خاسرا للدنيا والدين.
فإيّاكم إخواني ـ هداكم الله طريق الرشد ـ والخوض في طريقة أهل الكلام ؛ فإنّها لكما وصفت ؛ ولقد ذمّها أولو البصائر والنهى ، حتّى جماعة من أهلها ، المشتغلين بها. وإنّما ذلك شغل من فرغ من فروض الله المتعيّنة المتضيّقة عليه ، ويريد أن يخدم الله عزوجل خالصا لوجهه بالردّ على أهل الضلال ـ من الامم الحائلة بين عباده وبين المعرفة والوصول إليه ـ ويكون حامل ، هذا العلم العريض العميق ، لازما سبيل التوفيق ، ويناظر مخالفيه مناظرة الرحيم الشفيق ، حتّى يسلم من خطر الطريق ؛ وإلّا فهو هالك على التحقيق.
فعليكم بمتابعة ظواهر الكتاب والسنّة ، وملازمة التقوى والشريعة ، لعلّ الله يرزقكم ببركة ذلك علما آخر من لدنه ، وكشفا أتمّ من لديه ، فإنّ الله عزوجل يقول : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً
__________________
(١) ـ كتب في هامش النسخة ما يلي ثم شطب عليه :
راهيست ره عشق بغايت خوش ونزديك |
|
هر ره كه جز اينست همه دور ودرازست |