فصل [٥]
ومن الدلائل التي قيلت في إنيّة الصانع للكلّ أنّه لو لم يوجد الغنيّ الواجب بالذات ، لم يوجد المستغني الواجب بالغير ، فلم يوجد موجود أصلا ؛ لأنّ ذلك الغير ـ على هذا التقدير ـ مستغن بالغير ، فإمّا أن يتسلسل ، أو يدور ؛ وعلى التقديرين ، جاز انتفاء الكلّ بأن لا يوجد شيء منها أصلا ؛ فلا بدّ من مرجّح يرجّح وجودها ؛ وهو الله الغنيّ بالذات (وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) [٤٧ / ٣٨].
فصل [٦]
الحقّ الحقيق بالتصديق أنّ التصديق بوجوده تعالى أمر فطريّ (١) ولذا ترى الناس عند الوقوع في الأهوال وصعاب الأحوال يتوكّلون بحسب الجبلّة على الله ، ويتوجّهون ـ توجّها غريزيّا ـ إلى مسبّب الأسباب ، ومسهّل الامور الصعاب ، وإن لم يتفطّنوا لذلك ؛ ويشهد لهذا قول الله ـ عزوجل ـ : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [٣١ / ٢٥].
(قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ) [٦ / ٤٠ ـ ٤١].
__________________
(١) ـ في هامش النسخة :
دانشِ حق ذوات را فطريست |
|
دانشِ دانش است كان فكريست |