......... (١)
__________________
(١) ـ هنا كتب المؤلف الفصلين التاليين ثم شطب عليهما وكتب بدلا منهما الفصل الآتي في المتن :
أوثق الدلائل وأشرفها هو طريقة الصدّيقين ، الذين يستشهدون بالحق على كل شيء ؛ لا بغيره عليه ؛ سئل نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم : «بم عرفت الله»؟ فقال : «بالله عرفت الأشياء».
وقال مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام : «اعرفوا الله بالله» ـ رواه ثقة الإسلام أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الكافي [١ / ٨٥] بإسناده عنه عليهالسلام. وقال عليهالسلام ـ في دعاء الصباح المشهور ـ : «يا من دلّ على ذاته بذاته». وعنه عليهالسلام أنّه سئل : «أعرفت الله بمحمّد ، أم عرفت محمّدا بالله»؟ فقال عليهالسلام : «لو عرفت الله بمحمّد لكان محمّد أوثق من الله ، ولو عرفت محمّدا بالله ما احتجت إلى رسول الله ؛ ولكن عرّفني الله نفسه بلا كيف ، وأرسل محمّدا لبيان الحقّ وتوضيح الدين». وفي هذه الطريقة هو الله البرهان على ذاته ، كما قال ـ جلّ جلاله ـ : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) [٣ / ١٨] (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ) [٦ / ١٩].
وبعد هذه الطريقة في الإحكام والشرف طريقة معرفة النفس ، كما أشار إليه نبيّنا بقوله : «من عرف نفسه فقد عرف ربّه». وقوله : «أعرفكم بنفسه أعرفكم بربّه». وفي القرآن المجيد : (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) [٥١ / ٢١]. وذلك لأنّ النفس أمّ الفضائل ومادّة الحقائق ، وبعدها سائر الطرق الآفاقيّة على تفاوت مراتبها ومراتب الناس في فهمها.
وإلى الثلاث الإشارة بقوله سبحانه : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [٤١ / ٥٣].
فصل
ولك أن تقول : إنّ معرفته ـ عزوجل ـ على أيّ التقادير ، ليست إلا به ، كما أشار إليه الشيخ الصدوق ـ رحمهالله ـ في كتاب التوحيد بقوله : «الصواب في هذا الباب أن يقال : «عرفنا الله بالله» ، لأنّا إن عرفناه بعقولنا فهو ـ عزوجل ـ واهبها ، وإن عرفناه ـ عزوجل ـ بأنبيائه ورسله وحججه عليهمالسلام ، فهو ـ عزوجل باعثهم ومرسلهم ومتّخذهم حججا ، وإن عرفناه بأنفسنا فهو ـ عزوجل ـ محدثها ؛ فبه عرفناه. وقد قال الصادقعليهالسلام : «لو لا الله ما عرفناه ، ولو لا نحن ما عرف الله». ومعناه : لو لا الحجج ما عرف الله حقّ معرفته ، ولو لا الله ما عرف الحجج» ـ انتهى كلامه ـ
ويصدّقه قول الله ـ عزوجل ـ : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [٤٩ / ١٧] (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) [٢٤ / ٢١].