«فسبحان من أمسكها بعد موجان مياهها ، وأجمدها بعد رطوبة أكنافها ، فجعلها لخلقه مهادا ، وبسطها لهم فراشا ، فوق بحر لجّيّ راكد لا يجري ، وقائم لا يسري ، تكركره (١) الرياح العواصف ، وتمخضه الغمام الذوارف» (٢).
«أمسكها من غير اشتغال ، وأرساها على غير قرار ، وأقامها بغير قوائم ، ورفعها بغير دعائم ، وحصّنها من الأود والاعوجاج ، ومنعها من التهافت والانفراج ، أرسى أوتادها ، وضرب أسدادها».
ـ كذا في كلام أمير المؤمنين عليهالسلام (٣).
فصل (٤) [٧]
[آيات الله تعالى في خلق الجبال والنبات]
أما تأمّلت ـ يا أخي ـ إلى آيات عظمته وآثار رحمته في الجبال الراسيات ، والشوامخ الصمّ الصلاب ؛ كيف اودعت المياه تحتها ، ففجرت العيون واسيلت الأنهار تجري على وجهها ، وإنّما أخرج من الحجارة اليابسة ومن التراب الكدر ماء رقيقا عذبا صافيا زلالا ، وجعل به كلّ شيء حيّا ، فأخرج به فنون الأشجار والنبات ـ من حبّ
__________________
(١) ـ تكركره : تذهب به وتعود بكركرة.
(٢) ـ نهج البلاغة : من الخطبة ٢١١ التي أولها : «وكان من اقتدار جبروته ...» والذوارف : جمع ذارفة من «ذرف الدمع» إذا سال.
(٣) ـ نهج البلاغة ، من فقرات الخطبة : ١٨٦. التي أولها : ما وحّده من كيّفه ...
(٤) ـ احياء علوم الدين : الباب السابق : ٤ / ٦٣٨.