ولا الإرادة عن
العلم إلّا لفقد شرطها ـ وهو القدرة ـ ولا الفعل عن القدرة إلّا لفقد شرطه ـ وهو
الإرادة ؛ وكلّ ذلك على المنهاج الواجب ، والترتيب الواجب ، ليس شيء منها ببخت
واتّفاق ؛ بل كله بحكمة وتدبير.
فصل [١٢]
[التوحيد الأفعالي ينفي الجبر والتفويض]
وإذا كان هذا هكذا
، فمن نظر إلى الأسباب القريبة للفعل ورآه مستقلّة ، قال بالقدر والتفويض ؛ أى
بكون أفاعيلنا واقعة بقدرتنا ، مفوّضة إلينا ـ والله سبحانه أحكم من أن يهمل عبده
، ويكله إلى نفسه ، وأعزّ من أن يكون في سلطانه ما لا يريد.
ومن نظر إلى السبب
الأوّل ـ وقطع النظر عن الأسباب القريبة مطلقا ـ قال بالجبر والاضطرار ، ولم يفرّق
بين أعمال الإنسان وأعمال الجمادات ؛ والله تعالى أعدل من أن يجبر خلقه ثمّ
يعذّبهم ، وأكرم من أن يكلّف الناس ما لا يطيقون ؛
فكلاهما أعور لا
يبصر بإحدى عينيه :
أمّا القدريّة
فبالعين اليمنى ، أي النظر الأقوى ، الذي به يدرك
__________________