قال : فانطلق الرجل غير بعيد ، ثمّ انصرف إليه فقال له : «يا أمير المؤمنين ـ أبالمشيّة الاولى نقوم ونقعد ، ونقبض ونبسط»؟
فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : «وإنّك لبعد في المشيّة ؛ أمّا إنّي سائلك عن ثلاث ـ لا يجعل الله لك في شيء منها مخرجا ـ : أخبرني أخلق الله العباد كما شاء ، أو كما شاءوا»؟
فقال : «كما شاء».
قال : «فخلق الله العباد لما شاء ، أو لما شاءوا»؟
فقال : «لما شاء».
قال : «يأتونه يوم القيامة كما شاء ، أو كما شاءوا»؟
قال : «يأتونه كما شاء».
قال : «قم ؛ فليس إليك من المشيّة شيء».
وبإسناده (١) عن الأصبغ بن نباتة (٢) ، قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام فى القدر :
«ألا إنّ القدر سرّ من سرّ الله ، وستر من ستر الله ، وحرز من حرز الله ؛ مرفوع في حجاب الله ، مطويّ عن خلق الله ، مختوم بخاتم الله ، سابق في علم الله ؛ وضع الله العباد عن علمه ، ورفعه فوق شهاداتهم ومبلغ عقولهم ، لأنّهم لا ينالونه بحقيقة الربانيّة ، ولا بقدرة الصمدانيّة ، ولا بعظمة النورانيّة ، ولا بعزّة الوحدانيّة ، لأنّه بحر زاخر خالص لله
__________________
(١) ـ التوحيد : باب القضاء والقدر : ٣٨٣ ، ح ٣٢.
(٢) ـ أصبغ بن نباتة المجاشعي معروف ، قال النجاشي (٨ ، الترجمة ٥) : «كان من خاصّة أمير المؤمنين وعمّر بعده ، روى عنه عهد الأشتر ووصيّته إلى محمّد ابنه ...».