فصل [٢]
قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) :
«الحمد لله الذي كان في أوّليّته وحدانيّا ، وفي أزليّته متعظّما بالإلهيّة ، متكبّرا بكبريائه وجبروته ؛
ابتدأ ما ابتدع ، وأنشأ ما خلق على غير مثال كان سبق لشيء ممّا خلق ، ربّنا القديم بلطف ربوبيّته وبعلم خبره فتق ، وبإحكام قدرته خلق جميع ما خلق ، وبنور الإصباح فلق ؛
فلا مبدّل لخلقه ، ولا مغيّر لصنعه ، ولا معقّب لحكمه ، ولا رادّ لأمره ولا مستزاح عن دعوته ، ولا زوال لملكه ، ولا انقطاع لمدّته ؛ وهو الكينون أوّلا ، والديموم أبدا.
المحتجب بنوره ـ دون خلقه ـ في الافق الطامح ، والعزّ الشامخ ، والملك الباذخ (٢) ، فوق كلّ شيء علا ومن كلّ شيء دنا ، فتجلّى لخلقه من غير أن يكون يرى ، وهو بالمنظر الأعلى.
فأحبّ الاختصاص بالتوحيد إذ احتجب بنوره ، وسما في علوّه واستتر عن خلقه ، وبعث إليهم الرسل ، ليكون له الحجّة البالغة على
__________________
(١) ـ التوحيد : باب التوحيد ونفي التشبيه مع فروق يسيرة ، ٤٤ ، ح ٤.
عنه البحار : ٤ / ٢٨٧ ، ح ١٩.
وجاء ما يقرب منه في كفاية الأثر في خطبة للحسن بن على عليهماالسلام باب ما روي عنه عليهالسلام من النصوص ، ١٦١. عنه البحار : ٤٣ / ٣٦٣ ، ح ٦.
(٢) ـ في هامش النسخة : طمح بصره إليه ـ كمنع ـ : ارتفع. وكل مرتفع طامح. شمخ الجبل : علا وطال. البذخ ـ محركة ـ : الكبر. بذخ ـ كفرح ـ وتبذّخ : تكبر وعلا ـ ق.