وهذا النور قابل للقوّة والضعف ، والاشتداد والنقص ، كسائر الأنوار (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) [٨ / ٢].
(وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) [٢٠ / ١١٤].
كلّما ارتفع حجاب ازداد نور ، فيقوي الإيمان ويتكامل ، إلى أن ينبسط نوره فينشرح صدره ، ويطّلع على حقائق الأشياء ، ويتجلى له الغيوب ، ويعرف كلّ شيء في موضعه ، فيظهر له صدق الأنبياء عليهمالسلام في جميع ما أخبروا عنه إجمالا وتفصيلا على حسب نوره ، وبمقدار انشراح صدره ، وينبعث من قلبه داعية العمل بكلّ مأمور ، والاجتناب عن كلّ مخطور ، فيضاف إلى نور معرفته أنوار الأخلاق الفاضلة والملكات الحميدة :
(نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) [٦٦ / ٨].
(نُورٌ عَلى نُورٍ) [٢٤ / ٣٥].
وكلّ عبادة تقع على وجهها تورث في القلب صفاء يجعله مستعدّا لحصول نور فيه ، وانشراح ومعرفة ويقين ، ثمّ ذلك النور والمعرفة واليقين يحمله على عبادة اخرى ، وإخلاص آخر فيها يوجب نورا آخر ، وانشراحا أتمّ ، ومعرفة اخرى ويقينا أقوى ـ وهكذا إلى ما شاء الله جلّ جلاله.
ومثل ذلك مثل من يمشي بسراج في ظلمة ، فكلّما أضاء له من الطريق قطعة مشى فيها ، فيصير ذلك المشي سببا لإضاءة قطعة اخرى منه ـ وهكذا.