قال : «لأنّه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع ، ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس ، وكذلك سمّيناه بصيرا لأنّه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار من لون وشخص وغير ذلك ـ ولم نصفه بنظر لحظ العين (١)».
فصل [١٤]
[إنّه تعالى مختار]
وإذ ثبت أنّ الوجود كلّه فعله سبحانه ، لا مدخل لغيره فيه ، وقد صدر عنه على وفق علمه ـ صدورا غير مستكره ولا مقهور ولا مغلوب ولا مضرور ـ
فبان أنّه سبحانه على كلّ شيء قدير وبكلّ شيء بصير ؛
وأنّه سبحانه مختار في فعله اختيارا أجلّ وأعلى من اختيارنا ، لأنّ الاختيار فينا ناقص مشوب بنحو من الاضطرار ، وذلك لتجدّد الأغراض ، واختلاف الدواعي ، وتفنّن الإرادات ، وسنوح الحالات فينا ، والمرجّح إنّما يرد علينا من خارج ـ كما يأتي تحقيقه (٢) ـ بخلافه جلّ جلاله ، فإنّ صفاته جميعا نفس ذاته المقدّسة عن التغيّر والحدثان.
* * *
__________________
(١) ـ الكافي : ولم نصفه ببصر لحظة العين. الاحتجاج : ولم نصفه ببصر طرفة العين.
(٢) ـ راجع الفصل الحادى عشر إلى الخامس عشر من الباب السابع من هذا المقصد.