والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل حتى سكت فقال ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل (مخاطباً الأنصار) ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش (١).
إذن ، يتبين لنا بوضوح بأن أبا بكر وعمر لا يؤمنان بمبدإ الشورى والاختيار ويقول بعض المؤرخين بأن أبا بكر احتج على الأنصار بحديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم «الخلافة في قريش» وهو حديث صحيح لا شك فيه وحقيقته (كما نص على ذلك البخاري ومسلم وكل الصحاح عند السنة وعند الشيعة) قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
«الخلفاء من بعدي اثنا عشر كلهم من قريش».
وأصرح من هذا الحديث قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
«لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان» (٢) وقوله «الناس تبع لقريش في الخير والشر» (٣).
فإذا كان المسلمون قاطبة يؤمنون بهذه الأحاديث فكيف يقول قائل بأنه ترك الأمر شورى بين المسلمين ليختاروا من يشاءون؟
ولا يمكن لنا أن نتخلص من هذا التناقض إلا إذا أخذنا بأقوال أئمة أهل البيت وشيعتهم وبعض علماء السنة الذين يؤكدون بأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد نص على الخلفاء وعيّنهم بعددهم وأسمائهم ، وبذلك يمكن لنا أيضاً أن نفهم موقف عمر وحصره الخلافة في قريش وعمر من عرف باجتهاده مقابل النصوص حتى في حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فصلح الحديبية (٤).
__________________
(١) صحيح مسلم باب الوصية.
(٢ و ٣) صحيح مسلم ج ٦ ص ٢ و ٣ صحيح البخاري ج ٨ ص ٢٧
(٤) صحيح البخاري ج ٢ ص ٨١ صحيح مسلم باب صلح الحديبية