فنفست به فأتيته به ليحنّكه ، فأخذه فوضعه في حجره وأتى بتمرة فمصّها ، ثم مضغها في فيه ، فحنّكه ، فكان أول شيء دخل بطنه ريق النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ثم مسحه ، وسمّاه عبد الله ، ثم جاء بعد وهو ابن سبع أو ثمان ليبايع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أمره بذلك الزبير فتبسّم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين رآه وبايعه ، وكان أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة ، وكانت اليهود تقول : قد أخذناهم فلا يولد لهم بالمدينة ولد ، فكبّر الصحابة حين ولد.
وقد قال الزّبير بن بكّار : حدّثني عمي مصعب ، سمعت أصحابنا يقولون : ولد عبد الله بن الزّبير سنة الهجرة. وأما ما رواه البغوي في الجعديات ، من طريق إسماعيل عن أبي إسحاق عمن حدثه ، عن أبي بكر ، أنه طاف بعبد الله بن الزبير في خرقة ، وهو أوّل مولود ولد في الإسلام ، فقد ذكر ابن سعد أن الواقديّ أنكره ، وقال : هذا غلط بيّن ، فلا اختلاف بين المسلمين أنه أول مولود ولد بعد الهجرة ، ومكة يومئذ حرب لم يدخلها النبيّ صلىاللهعليهوسلم حينئذ ولا أحد من المسلمين.
قلت : يحتمل أن يكون المراد بقوله : طاف به (١) من مكان إلى مكان ، وإلا فالذي قاله الواقديّ متجه ، ولم يدخل أبو بكر مكة من حين هاجر إلا مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم في عمرة القضيّة ، ولم يكن ابن الزبير معه.
وفي الرّسالة للشّافعيّ أنّ عبد الله بن الزبير كان له عند موت النبيّ صلىاللهعليهوسلم تسع سنين ، وقد حفظ عنه.
وقال الدّينوريّ في «المجالسة» : حدثنا إبراهيم بن يزيد (٢) ، حدثنا أبو غسان ، حدثنا محمد بن يحيى ، أخبرنا مصعب بن عثمان ، قال : قال عبد الله بن الزبير : هاجرت وأنا في بطن أمي.
وأخرج الزّبير ، من طريق مسلم بن عبد الله بن عروة بن الزبير ، عن أبيه أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم كلّم في غلمة من قريش ترعرعوا : عبد الله بن جعفر ، وعبد الله بن الزبير ، وعمرو بن أبي سلمة ، فقيل لو بايعتهم فتصيبهم بركتك ، ويكون لهم ذكر ، فأتى بهم إليه ، فكأنهم تكعكعوا ، فاقتحم عبد الله بن الزبير أولهم ، فتبسّم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : «إنّه (٣) ابن أبيه».
ومن طريق عبد الله بن مصعب : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد جمع أبناء المهاجرين والأنصار
__________________
(١) في أ : طاف به مشى به من مكان ...
(٢) في أ : ديريل.
(٣) في أ : وقال : له ابن أبيه.