تأخّر إسلامه إلى يوم الفتح ، فروى ابن إسحاق في المغازي بإسناد صحيح ، عن أسماء بنت أبي بكر (١) ، قالت : لما كان عام الفتح ونزل النبيّ صلىاللهعليهوسلم ذا طوى قال أبو قحافة لابنة له كانت من أصغر ولده : أي بنية ، أشرفي بي على أبي قبيس ، وكان قد كفّ بصره ، فأشرفت به عليه ... فذكر الحديث بطوله. وفيه : فلما دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم المسجد خرج أبو بكر حتى جاء بأبيه يقوده ، فلما رآه رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «هلّا تركت الشّيخ في بيته حتّى آتيه (٢)» (٣)! فقال : يمشي هو إليك يا رسول الله ، أحقّ من أن تمشي إليه. وأجلسه (٤) بين يديه ، ثم مسح على صدره ، فقال : «أسلم تسلم». ثم قام أبو بكر ... الحديث أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث ابن إسحاق.
وروى مسلم ، من طريق أبي الزبير ، عن جابر ، قال : أتي بأبي قحافة عام الفتح ورأسه ولحيته مثل الثّغامة (٥) ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «غيّروا هذا بشيء ، وجنّبوه السّواد».
وروى أحمد ، من طريق هشام ، عن محمد بن سيرين ، عن أنس ، أنه سئل عن خضاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : لم يكن شاب إلا يسيرا ، ولكن خضب أبو بكر وعمر بالحناء والكتم (٦).
قال : وجاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم فتح مكة يحمله حتى وضعه بين يديه ، فقال لأبي بكر : لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه ـ تكرمة لأبي بكر ، فأسلم ورأسه ولحيته كالثّغامة بياضا ، فقال : غيّروهما وجنّبوه السواد. صححه ابن حبان من هذا الوجه.
قال قتادة : هو أول مخضوب في الإسلام ، وهو أول من ورث خليفة في الإسلام.
مات أبو قحافة سنة أربع عشرة ، وله سبع وتسعون سنة (٧).
٥٤٥٩ ـ عثمان بن عامر (٨) بن معتّب الثقفي ، مولى المنبعث من فوق.
__________________
(١) في أ : أبي بكر رضياللهعنه.
(٢) في أ : حتى أجيبه.
(٣) أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ / ٢٤٤ عن أنس كما رواه عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن أبيه ...
الحديث ، قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبي.
(٤) في ط : وأهله.
(٥) هو نبت أبيض الزهر والثمر يشبّه به الشّيب وقيل : هي شجرة تبيض كأنها الثّلج. النهاية ١ / ٢١٤.
(٦) الكتم : نبت يخلط مع الوسمة ويصبغ به الشعر أسود ، وقيل : هو الوسمة. النهاية ٤ / ١٥٠.
(٧) في أ : سبع وسبعون سنة.
(٨) الثقات ٣ / ٢٦٠ ، التحفة اللطيفة ٣ / ١٥٦ ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ٣٧٤ ، نكت الهميان ١٩٩ ، تاريخ الإسلام ٣ / ٨٥ ، أزمنة التاريخ الإسلامي ١ / ٧٦٠ ، الطبقات الكبرى ٥ / ٤٥١.