قال : وحدثني محمد بن سلام ، قال : سعى ساع إلى ابن عباس برجل ، فقال : إن شئت نظرنا. فإن كنت كاذبا عاقبناك ، وإن كنت صادقا نفيناك (١) ، وإن شئت أقلتك : قال : هذه.
وفي كتاب الجليس للمعافي من طريق ابن عائشة ، عن أبيه : نظر الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر ، وقد فرع بكلامه ، فقال : من هذا الّذي نزل عن القوم بسنه ، وعلاهم في قوله؟ قالوا : هذا ابن عباس ، فأنشأ يقول :
إنّي وجدت بيان المرء نافلة |
|
يهدي له ووجدت العيّ كالصّمم |
المرء يبلى ويبقى الكلم (٢) سائرة |
|
وقد يلام الفتى يوما ولم يلم (٣) |
[البسيط]
وقال الزّبير بن بكّار : حدثت (٤) عن عمرو بن دينار ، قال : لما مات عبد الله بن العباس قال (٥) مات رباني هذه الأمة.
وساق بسند له إلى موسى بن عقبة ، عن مجاهد ـ أنّ ابن عباس مات بالطائف نصلّي عليه ابن الحنفية ، فجاء طائر أبيض ، فدخل في أكفانه ، فما خرج منها ، فلما سوّى عليه التراب قال ابن الحنفية : مات والله اليوم حبر هذه الأمة.
وأخرج يعقوب بن سفيان ، من طريق عبد الله بن يامين : أخبرني أني أنه لما مرّ بجنازة عبد الله بن عباس جاء طائر أبيض يقال له الغرنوق ، فدخل في النعش فلم ير بعد.
وأخرج ابن سعد من طريق يعلى بن عطاء عن بجير بن عبد الله ، قال : لما خرج نعش ابن عباس جاء طائر أبيض عظيم من قبل وجّ حتى خالط أكفانه فلم يدر أين ذهب ، فكانوا يرون أنه علمه.
وروينا في جزء الحسن بن عرفة : حدثنا مروان بن شجاع ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، قال : مات ابن عباس بالطائف ، فشهدت جنازته ، فجاء طائر أبيض لم ير على خلقته ، فدخل في نعشه ولم ير خارجا منه ، فلما دفن تليت هذه الآية : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ ...) إلى آخر السورة [الفجر : ٢٧ ، ٢٨].
__________________
(١) في أ : مقتناك.
(٢) في أ : العلم.
(٣) تنظر الأبيات في الاستيعاب ت (١٦٠٦).
(٤) في أ : حدثني.
(٥) في أ : قال محمد بن علي بن الحنفية.