قال ابن إسحاق : وحدّثني محمد بن جعفر بن الزّبير : كان أبو قيس صرمة ترهّب في الجاهلية ، [واغتسل من الجنابة ، وهمّ بالنّصرانية ، ثم أمسك ، فلما قدم النّبي صلىاللهعليهوسلم المدينة أسلم ،] (١) وكان قوّالا بالحق ، وله شعر حسن ، وكان لا يدخل بيتا فيه جنب ولا حائض ، وكان معظّما في قومه إلى أن أدرك الإسلام شيخا كبيرا ، وكان يقول شعرا حسنا فمنه :
يقول أبو قيس وأصبح غاديا |
|
ألا ما استطعتم من وصاتي فافعلوا |
أوصّيكم بالبرّ والخير والتّقى |
|
وإن كنتم أهل الرّئاسة فاعدلوا |
وإن أنتم أمعرتم فتعفّفوا |
|
وإن كان فضل الخير فيكم فأفضلوا (٢) |
[الطويل]
وقال المرزبانيّ : عاش أبو قيس عشرين ومائة سنة.
قال ابن إسحاق : وهو الّذي نزلت فيه : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) [البقرة ١٨٧]. ووصل ذلك أبو العبّاس السّراج من طريق ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزّبير ، عن عبد الرّحمن بن عويم بن ساعدة.
قلت : واسم الّذي نزل فيه اختلف فيه اختلافا كثيرا كما سأبينه في الّذي بعده.
ومقال المرزبانيّ : أبو قيس صرمة بن أبي أنس بن قيس بن مالك عاش نحوا من عشرين ومائة سنة ، وأدرك الإسلام فأسلم وهو شيخ كبير ، وهو القائل :
بدا لي أنّي عشت تسعين حجّة |
|
وعشرا ولي ما بعدها وثمانيا |
فلم ألفها لمّا مضت وعددتها |
|
يحسّنها في الدّهر إلّا لياليا (٣) |
[الطويل]
٤٠٨٢ ـ صرمة : بن مالك الأنصاريّ.
ذكره ابن شاهين وابن قانع في «الصّحابة» ، وأخرج من طريق هشيم بن حصين ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى ، أنّ رجلا من الأنصار يقال له صرمة بن مالك ، وكان شيخا كبيرا ، فجاء أهله عشاء وهو صائم ، وكانوا إذا نام أحدهم قبل أن يفطر لم يأكل إلى مثلها ، والمرأة
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) تنظر الأبيات في الاستيعاب ترجمة رقم (١٢٤٤) ، ص ١٧٣٦ ، في الاستيعاب ترجمة رقم (٣١٧٩) ، الأول والثالث والسادس منهم.
(٣) ينظر البيتان في المعمرين : ٨٤.