الرجال يحفر أحدهم الحفرة فيدخل فيها ويلقي عليه حجفته ، فلما رأى ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من يحرسنا اللّيلة ، فأدعو له بدعاء يصيب فضله». فقام رجل من الأنصار ، فقال : [أنا يا رسول] (١) الله. قال : «من أنت»؟ قال : فلان ، قال : «ادنه» ، فدنا فأخذ ببعض ثيابه ، ثم استفتح الدّعاء ، فلما سمعت قلت : أنا رجل. قال : «من أنت»؟ قال : أبو ريحانة ، قال : فدعا لي دون ما دعا لصاحبي ، ثم قال : «حرمت النّار على عين حرست في سبيل الله ...» الحديث.
وروى ابن المبارك في «الزّهد» من طريق ضمرة بن حبيب ، عن مولى لأبي ريحانة الصّحابي أنّ أبا ريحانة قفل من غزوة له ، فتعشّى ثم توضّأ وقام إلى مسجده فقرأ سورة ، فلم يزل في مكانه حتى أذّن المؤذن ، فقالت له امرأته : يا أبا ريحانة ، غزوت فتعبت ثم قدمت ، أفما كان لنا فيك نصيب؟ قال : بلى والله ، لكن لو ذكرتك لكان لك عليّ حقّ : قالت : فما الّذي شغلك. قال : التفكر فيما وصف الله في جنّته ولذّاتها حتى سمعت المؤذّن.
وبه (٢) إلى ضمرة أن أبا ريحانة كان مرابطا بميّافارقين (٣) ، فاشترى رسنا من قبطي من أهلها بأفلس ، وقفل حتى انتهى إلى عقبة الرّستن ، وهي بقرب حمص فقال لغلامه : دفعت إلى صاحب الرّسن فلوسه؟ قال : لا. فنزل عن دابته ، فاستخرج نفقة فدفعها لغلامه ، وقال لرفقته : أحسنوا معاونته حتى يبلغ أهله ، وانصرف إلى ميّافارقين ، فدفع الفلوس لصاحب الرّسن ، ثم انصرف إلى أهله.
وقال إبراهيم بن الجنيد في كتاب «الأولياء» : حدّثنا أحمد بن أبي العبّاس الواسطيّ ، حدّثنا ضمرة بن ربيعة ، عن عروة الأعمى مولى بني سعد ، قال : ركب أبو ريحانة البحر ، وكانت له صحف (٤) ، وكان يخيط فسقطت إبرته في البحر ، فقال : عزمت عليك يا رب إلا رددت عليّ إبرتي ، فظهرت حتى أخذها.
٣٩٤١ ز ـ شميحة الأنصاريّ : تقدّم في السين المهملة.
٣٩٤٢ ـ شمير ، غير منسوب : له حديث في مسند بقيّ بن مخلد ، قال ابن حزم.
واستدركه الذّهبي.
قلت : وأنا أخشى أن يكون هو سمير بن عبد المدان الرّاوي عن أبيض بن حمّال ، فلعله أرسل حديثا ، ولم يتيقظ لذلك صاحب السّند المذكور ، فقد وقع له من ذلك أشياء كثيرة.
__________________
(١) في أفقال : لنا رسول الله.
(٢) في أنسبته.
(٣) في أعشاء فأرهق.
(٤) في أ : صحفة.