حملها على المكلفين الضعفاء وهو محمد صلىاللهعليهوسلم. / ١٢ / ان عيسى عليهالسلام قال : «ليس ينطق من عنده بل يتكلم بكل ما يسمع». وهذا يدل على أن فارقليط يكون بحيث يكذبه بنو إسرائيل. فاحتاج عيسى عليهالسلام أن يقرر حال صدقه. فقال هذا القول. ولا مجال لمظنة التكذيب في حق الروح النازل يوم الدار ، على أن هذا الروح عندهم عين الله فلا معنى لقوله بل يتكلم بما يسمع. فمصداقه محمد صلىاللهعليهوسلم ، فإنه كان في حقه مظنة التكذيب وليس هو عين الله ، وكان يتكلم بما يوحى إليه كما قال الله تعالى : (ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) [النجم : ٣]. وقال : (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ) [الأنعام : ٥٠] أن عيسى عليهالسلام قال : «انه يأخذ مما هو لي». وهذا لا يصدق على الروح لأنه عند أهل التثليث قديم وغير مخلوق وقادر مطلق ليس له كمال منتظر ، بل كل كمال من كمالاته حاصل له بالفعل. فلا بدّ أن يكون الموعود به من الجنس الذي يكون له كمال منتظر. ولما كان هذا الكلام موهما أن يكون هذا النبيّ متبعا لشريعته دفعه بقوله فيما بعد «جميع ما للأب فهو لي. فلأجل هذا قلت مما هو لي يأخذ». يعني أن كل شيء يحصل لفارقليط من الله ، فكأنه يحصل مني ، كما اشتهر من كان لله كان الله له. فلأجل هذا قلت إن مما هو لي يأخذ.
في أن شبهات پروتستنت ادّعاءات باطلة
وأما الثاني أعني الشّبهات التي تورد علماء پروتستنت فخمسة :
الشّبهة الأولى : جاء في هذه العبارة تفسير فارقليط بروح القدس وروح الحق ، وهما عبارتان عن الأقنوم الثالث. فكيف يصح أن يراد بفارقليط محمد صلىاللهعليهوسلم؟ أقول في الجواب أن صاحب ميزان الحق يدّعي في تأليفاته كون ألفاظ روح الله ، وروح القدس ، وروح الحق ، وروح الصدق ، وروح فم الله ، بمعنى واحد. قال في الفصل الأول من الباب الثاني من مفتاح الأسرار في الصفحة ٥٣ من النسخة الفارسية المطبوعة سنة ١٨٥٠ : «إن لفظ روح الله ولفظ روح القدس في التوراة والإنجيل بمعنى واحد». انتهى. فادّعى أن هذين اللفظين يستعملان بمعنى واحد في العهدين. وقال في حل الإشكال في جواب كشف الأستار : «من له شعور ما بالتوراة والإنجيل فهو يعرف أن ألفاظ روح القدس وروح الحق وروح فم الله وغيرها بمعنى روح الله. فلذلك ما رأيت إثباته ضروريا». انتهى. فإذا عرفت هذا القول ، نحن نقطع النظر عن صحة ادعائه وعدم صحته هاهنا ، ونسلم ترادف هذه الألفاظ على زعمه. لكنا ننكر أن استعمالها في كل موضع من مواضع العهدين بمعنى الأقنوم الثالث. ونقول قولا مطابقا لقوله «من له شعور ما بكتب العهدين يعرف أن هذه الألفاظ تستعمل في غير الأقنوم الثالث كثيرا.