إنجيل متّى. فمقصود المسيح عليهالسلام التحذير من هؤلاء الأنبياء الكذبة والمسحاء الكذبة ، لا من الأنبياء الصادقين أيضا. ولذلك قال بعد القول المذكور في الباب السابع : «من ثمارهم تعرفونهم. هل تجتنون من الشوك عنبا أو من الحسك تينا». ومحمد صلىاللهعليهوسلم من الأنبياء الصادقين ، كما يدل عليه ثماره ، على ما عرفت في المسالك المتقدمة. ولا اعتبار لمطاعن المنكرين ، كما ستعرف في الفصل الثاني. ولأن كل شخص يعلم أن اليهود ينكرون عيسى ابن مريم عليهماالسلام ويكذبونه ، وليس عندهم رجل أشر منه من ابتداء العالم إلى زمان خروجه ، وكذا ألوف من الحكماء والعلماء ، الذين هم من أبناء صنف القسيسين وكانوا مسيحيين ثم خرجوا عن هذه الملة لاستقباحهم إياها ، ينكرونه ويستهزءون به وبملته وألفوا رسائل كثيرة لإثبات آرائهم ، واشتهرت هذه الرسائل في أكناف العالم ، ويزيد متبعوهم كل يوم في ديار أوروبا. فكما أن إنكار اليهود وهؤلاء الحكماء والعلماء في حق عيسى عليهالسلام غير مقبول عندنا ، فكذا إنكار أهل التثليث في حق محمد صلىاللهعليهوسلم غير مقبول عندنا.
الأمر الخامس : الإخبارات التي نقلها المسيحيون في حق عيسى عليهالسلام لا تصدق عليه على تفاسير اليهود وتأويلاتهم ، ولذلك هم ينكرونه أشدّ الإنكار. والعلماء المسيحية لا يلتفتون في هذا الباب إلى تفاسيرهم وتأويلاتهم ، ويفسرونها ويؤولونها بحيث تصدق في زعمهم على عيسى عليهالسلام. قال صاحب ميزان الحق في الفصل الثالث من الباب الأول في الصفحة ٤٦ من النسخة الفارسية المطبوعة سنة ١٨٤٩ : «المعلمون القدماء من الملة المسيحية ادّعوا هذه الدعوى الصحيحة فقط ، أن اليهود أوّلوا الآيات التي كانت إشارة إلى يسوع المسيح بتأويلات غير صحيحة وغير لائقة وبينوها خلاف الواقع». انتهى وقوله (ادّعوا هذه الدعوى الصحيحة فقط) غلط يقينا لأن المعلمين القدماء كما ادّعوا هذه الدعوى ادّعوا أن اليهود حرّفوا الكتب تحريفا لفظيا ، كما عرفت في الباب الثاني ، لكني أقطع النظر عن هذا ، وأقول : كما أن تأويلات اليهود في الآيات المذكورة مردودة غير صحيحة وغير لائقة عند المسيحيين ، كذلك تأويلات المسيحيين في الإخبارات التي هي في حق محمد صلىاللهعليهوسلم مردودة غير مقبولة عندنا. وسترى أن الإخبارات التي تنقلها في حق محمد صلىاللهعليهوسلم أظهر صدقا من الإخبارات التي نقلها الإنجيليون في حق عيسى عليهالسلام. فلا بأس علينا إن لم نلتفت إلى تأويلاتهم الفاسدة. وكما أن اليهود ادعوا في حق بعض الإخبارات التي هي في حق عيسى عليهالسلام ، على زعم المسيحيين ، أنها في حق مسيحهم المنتظر أو في حق غيره أو ليست في حق أحد ، والمسيحيون يدّعون أنها في حق عيسى عليهالسلام ولا يبالون بمخالفتهم ، فكذا نحن لا نبالي بمخالفة المسيحيين في حق بعض الإخبارات التي هي في حق محمد صلىاللهعليهوسلم ، لو قالوا انها في حق عيسى عليهالسلام. وسترى أيضا أن صدقها في حق