(ويمكن أن يكون المراد إلخ) مردود لأنه مجرّد احتمال لا يتمّ على المخالف بدون السند الكامل وليس عنده سند ، بل يقول احتمالا ورجما بالغيب. وقوله (كيف ضموها بالكتاب المقدس) مردود ، لأن اليهود كان عندهم اعتبار الروايات أزيد من اعتبار التوراة. فإذا صارت التوراة سندا عندهم معتبرا مع أنها جمعت من روايات المشايخ بعد ألف وسبعمائة سنة تقريبا ، وكذا صارت قصص كمرا بابل معتبرة ، مع أنها جمعت بعد ألفي سنة ، فأي مانع من اعتبار الأبواب الخمسة التي جمعت بعد مائتين وسبعين سنة؟ ولقد أنصف بعض المحققين من علماء پروتستنت واعترف أن الروايات اللسانية أيضا معتبرة مثل المكتوبة. في الصفحة ٦٣ من المجلد الثاني من كاتلك هرلد هكذا : «إن داكتر بريت الذي هو من فضلاء پروتستنت قال في الصفحة ٧٣ من كتابه إن هذا الأمر ظاهر من الكتب المقدسة أنّ الدين العيسوي صار مفوّضا إلى الأساقفة الأولين وتابعي الحواريين بالرواية اللسانية ، وكانوا مأمورين بأن يحافظوا عليه ، ويفوّضوه إلى الجيل المتأخر. ولا يثبت من كتاب مقدس ، سواء كان كتاب بولس أو غيره من الحواريين ، أنهم كتبوا متفقين أو منفردين جميع الأشياء التي لها دخل في النجاة ، وجعلوا قانونا يفهم منه أنه لا يوجد فيه شيء ضروري له دخل في النجاة غير المكتوب». وقال في الصفحة ٣٢ و ٣٣ من الكتاب المذكور : «ترى بولس وغيره من الحواريين أنهم كما بلغوا إلينا الأحاديث بواسطة التحرير ، كذلك بلغوا بواسطة الرواية اللسانية أيضا. والويل للذين لا يحافظونهما. والأحاديث العيسوية في أمر الإيمان سند كالمكتوب». انتهى كلام داكتر بريت. وقال أسقف مون نيك : «ان أحاديث الحواريين سند كمكتوباتهم ، ولا ينكر أحد من پروتستنت أن تقرير الحواريين اللساني أزيد من تحريرهم». وقال جلنك ورتهم : «ان هذا النزاع ـ ان أي إنجيل قانوني وأي إنجيل ليس قانوني ـ يزول بالرواية اللسانية التي هي قاعدة الإنصاف لكل نزاع». انتهى كلام كاتلك هرلد وقال القسيس طامس انكلس كاتلك في الصفحة ١٨٠ و ١٨١ من كتابه المسمى بمرآة الصدق المطبوع سنة ١٨٥١ : «يشهد أسقف ماني سيك من علماء پروتستنت أن ستمائة أمر قررها الله في الدين ، وتؤمر الكنيسة بها ، ويقبل في حقها أن الكتاب المقدس ما بيّنها في موضوع وما علّمها». انتهى. فعلى اعتراف هذا الفاضل ستمائة أمر ثبتت بالرواية اللسانية وواجبة التسليم عند فرقة پروتستنت.
الفائدة الثانية : (١) هذا الأمر ظاهر بالتجربة الصحيحة أن الأمر العجيب أو المهتم بشأنه يكون محفوظا لأكثر الناس ، وخلافه لا يبقى محفوظا غالبا لعدم الاهتمام. ولذلك إذا سألت الناس ، الذين لا يكونون متعوّدين على أكل طعام واحد مخصوص أو أطعمة مخصوصة ، ما ذا
__________________
(١) جعل المؤلّف هذا الفصل ثلاث فوائد. وما سبق كان تفصيلا للفائدة الأولى ، وهي ذي الفائدة الثانية.
فلنتابعه.