مارسيوني : «هذه الفرقة كانت تعتقد أن عيسى عليهالسلام بعد ما مات دخل جهنم ونجى أرواح قابيل وأهل سدوم لأنهم حضروا عنده وكانوا غير مطيعين لإله خالق الشر ، وأبقى أرواح هابيل ونوح وإبراهيم والصلحاء الآخرين من القدماء في جهنم لأنهم خالفوا الفرقة الأولى ـ وهذه الفرقة كانت تعتقد أن خالق العالم ليس منحصرا في الإله الذي أرسل عيسى ، ولذلك ما كانت تسلم كون كتب العهد العتيق الهامية ـ» انتهى. فكانت عقيدة هذه الفرقة مشتملة على أمور : / ١ / جميع الأرواح سواء كانت أرواح الأنبياء والصلحاء أو الأشقياء كانت معذبة في جهنم قبل دخول عيسى عليهالسلام. / ٢ / أن عيسى عليهالسلام دخل جهنّم. / ٣ / أن عيسى عليهالسلام نجى أرواح الأشقياء من العذاب وأبقى أرواح الأنبياء والصلحاء فيه / ٤ / أن هؤلاء الصلحاء مخالفون لعيسى والأشقياء موافقون له / ٥ / أن خالق العالم إلهان : خالق الخير وخالق الشرّ. وعيسى عليهالسلام رسول الأول ، والأنبياء الآخرون المشهورون رسل الثاني / ٦ / كتب العهد العتيق ليست إلهامية. وقال صاحب ميزان الحق في كتابه المسمى بحل الإشكال في جواب كشف الأستار هكذا : «الحق أنه توجد في العقيدة المسيحية أن المسيح دخل جهنم وقام في اليوم الثالث وعرّج إلى السماء ولكن المراد هاهنا من جهنم هاوس (١) وهو موضع ما بين جهنم والفلك الأصلي ، والمعنى أنه دخل هاوس ليرى أهله جلاله وينبههم على أني مالك الحياة وأني أعطيت كفارة الذنوب بالموت الصليبي وجعلت الشيطان وجهنم مغلوبين والمؤمنين كالمعدومين». انتهى ملخصا.
أقول أولا : ثبت من ظاهر كتاب الصلاة وكلام فيلبس كوادنولس ، وثبت صراحة من إقرار مارطيروس ويوسف ولف ، ومن عقيدة اتهاني سيش أن جهنم على معناه واعترف هو أيضا أنه يوجد هذا في العقيدة. ثم أوّل فتأويله بدون الدليل لا يقبل ، ولا بدّ عليه أن يثبت من كتبه أن ما بين جهنم والفلك الأصلي مكان يسمى بهاوس ، ثم يثبت من هذه الكتب أن دخول المسيح في جهنم كان لأجل الإراءة والتنبيه المذكورين. على أنه لا وجود للأفلاك عند حكماء أوروبا علماء بروتستنت من المتأخرين يتابعونهم في هذا الرأي ، فكيف يصحح هذا التوجيه على زعمهم؟ ثم أقول ثانيا : إن هذا الهاوس محل السرور والثواب أو محل المحن والعقاب. فإن كان الأول ، فلا حاجة إلى تنبيه أهله لأنهم كانوا قبل هذا في سرور وعيشة راضية. وإن كان الثاني ، فلا فائدة في التأويل لأن جهنم الأرواح لا يكون إلا محلّ عذابها. ثم أقول ثالثا : إن كون الموت الصليبي كفارة الذنب غير معقول يقينا ، لأن المراد بهذا الذنب ، على زعمهم ، الذنب الأصلي الذي صدر عن آدم عليهالسلام ، لا الذنب الذي يصدر عن أولاده. ولا يجوز أن يعاقب أولاده على هذا الذنب الأصلي ، لأن الأبناء لا يؤاخذون بذنوب الآباء ولا بالعكس ،
__________________
(١) House. ربما نقل المؤلف اللفظة من الانكليزية كما هي.