الرحيم ، حين لم يلهمهم كافّة ما يحتاجون إليه فى أمر دينهم ودنياهم طبعا وفطنة ، وقد اختار لهم أعسر الأمور وحرمهم أيسرها ؛ وهو خلاف ما ادّعاه الملحد ، أنّ الحكيم اختار لهم أيسر الأمور ، ولم يكلّفهم الأعسر ، وألهمهم هذه الأسباب طبعا ، وزعم أنّه لا يجوز فى حكمة الحكيم النّاظر لخلقه ، إذا وجد السّبيل إلى أيسر الأمور ، أن يكلّفه (١) عباده ، فيدع ذلك ويكلّفهم الأعسر (٢) ؛ يريد بذلك ، أنّه لم يكلّفهم طاعة الأنبياء والرّسل ، فانّها (٣) أعسر الأمور ؛ ولكن ألهمهم ما يحتاجون إليه ، ليدركوه بطباعهم. فأين ما ألهم هؤلاء الضّعفاء من الرّجال والنّساء والولدان ، وهذه الأمم التى ذكرناها؟ أو ليس ما يدين به أهل الشّريعة ، أولى بحكمة الحكيم ورحمة الرّحيم ، وأيسر الأمور التى اختارها لبرّيته؟ لانّ أهل الشّريعة قالوا : إنّ الخلائق كلّهم مستعبدون ، مأمورون ، منهيّون (٤) ، مجازون (٥) بأعمالهم على قدر نيّاتهم واجتهادهم ، وإنهم لا يكلّفون ما لا يطيقون ؛ وإنّ الضّعفاء من الرّجال والنّساء والولدان الذين ليس (٦) فى وسعهم الطّلب والبحث ، لم يكلّفوا ذلك ؛ بل ، كلّفه العقلاء الأقوياء ؛ فاذا قصّروا (٧) ، عوقبوا ؛ واذا اجتهدوا ، أثيبوا ؛ واذا عجزوا ، فقد وعد الله أن (٨) يعفو (٩) عنهم ؛ وبهذا نطق القرآن ، قال الله عزوجل (١٠) : (إِنَ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ
__________________
(١) ـ يكلفه : يكلف B (٢) الاعسر : الاA (٣) ـ فانها : فانه AC ـ (٤) ـ منهيون : + وB (٥) مجازون : مجازورن B (٦) ـ ليس : + لهم C (٧) ـ قصروا : قاصرواA (٨) ـ ان : انه C (٩) يعفو : يعف C (١٠) ـ عزوجل : ـ A ـ A ، ع ج C (١١) ان : ـ B (١٢) ـ فيم : افيم B