لأنّ الطب وحساب النّجوم أخذت بعد حدوث البشر والبشر آخر متولّدات العالم عند أهل الشرائع وعند الفلاسفة ، والفلك وحركاته وما فيه ، اقدم من جميع المتولّدات. وليست النهاية فى معرفة هذه الأسباب إلى نهاية الزّمان فى هذا الوجه أيضا (١). ولكنا نقول : إنّ علم الطبّ ومعرفة طبائع العقاقير وغير ذلك من علم (٢) النّجوم والفلسفة ، أخذه الخلف عن السّلف إلى أن ينتهى إلى الحكيم الّذي كان الأوّل فيها ، وإنّ ذلك الحكيم عرف هذه اللّطائف تأييدا من الله عزوجل (٣) ووحيا منه وهو داخل فى جملة الأنبياء (ع) ، لان أحدا ليس فى وسعه أن يبلغ معرفتها إلّا كذلك.
وكفى بما تقدّم من الاحتجاج برهانا ودليلا على ذلك ونقول : إنّ هؤلاء الحكماء الذين تنسب إليهم هذه الأصول إن كانت ابتداء منهم ، فكما (٤) ذكرنا. وإلّا فأخذوها عمّن تقدّمهم (٥) شيئا بعد شيء (٦) فيها ؛ فكان سبيله سبيل من تقدّمه فى التأييد من الله عزوجل ، حتى ينتهى (٧) الامر إلى الاوّل الّذي ابتدأه الله بتعليم (٨) ذلك ، لأنّ الله عزوجل بعث أنبياءه فعلّمهم من كل شيء يحتاج إليه النّاس (٩) فى أمورهم دينا ودنيا ولذلك استقام أمر العالم. ولو لا أنّ الله عزوجل (١٠) علّمهم لما علموا ؛ لأنّه خلق جميع الخلائق ، وعلم ما ظهر وما بطن ، ولم يشرك أحدا (١١) من خلقه فى العلم بها إلّا النبىّ ، وهو عالم الغيب ، لا يظهر على غيبه أحدا إلّا من ارتضى من رسول (١٢) وهو أعلم حيث يجعل رسالته (١٣) ولا يشرك فى حكمه أحدا.
__________________
(١) ـ أيضا : ـ A (٢) ـ علم : علوم B (٣) ـ عزوجل : ـ A (٤) ـ فكما : كماAB ، مثل ماC (٥) ـ عمق تقدمهم : عن حكماء يقدموهم AC ، + قابلين C (٦) شيئا بعد شيء : بلبن شاشاA ، شيئا تشئياC (٧) ـ حتى ينتهى ... الفه : ـ A (٨) ـ بتعليم : بتعلم A (٩) ـ إليه الناس : الناس إليه C (١٠) ـ عزوجل : ـ A (١١) ـ احدا : احدA (١٢) رسول : رسوله A (١٣) رسالته : رسالاته B