النّاس ، من علم النّجوم والطبّ وغير ذلك هم استخرجوها ، وهم قسّموا ذلك فى الآفاق ، وأنّهم وضعوا لأهل فارس ثمانين كتابا من كتب الطب ، وثلاثة عشر كتابا للهند من الطب والحكمة والأمثال ، وأنهم وضعوا هذه الكتب كلّها بآرائهم ودبّروها بعقولهم إلهاما وطبعا من غير تأييد من الله عزوجل. وادّعوا أنّهم أبدعوا إجانة (١) النّار التى لا تطفأ بفارس ، التى يعبدها المجوس ، مع دعاوى مزخرفة من هذا النّوع لا تقبلها العقول. فأين الملحد لم يذكر هذه الخرافات التى يدّعيها هؤلاء الضّلال الكذابون حين (٢) ذكر دعاوى المجوس والمنانيّة (٣) والخرافات التى حكاها عن المبتدعين عنهم ؛ كقولهم : إنّ مانى كان يختطف من (٤) بين أيديهم فيصير فى الهواء يحاذى الشمس ؛ فربما مكث ساعات وربما مكث أيّاما ، ثم نزل. وإنّه الّذي رفع سابور الّذي عمل له (٥) الشابرقان إلى الجوّ وأخفاه (٦) حينا هناك. فانّ هذه الدّعاوى مثل ما ادّعاه أولئك الكذّابون أنّ بثاغورس ارتقى إلى الهواء وإلى عالم الطّبيعة وعالم النّفس وعالم العقل حتى عاين هذه العلوم وأدركها. أو ليس هذا مثل ما ادّعاه المنّانيّة (٧) لمانى حذو النّعل بالنعل والقذّة بالقذّة ؛ فكيف لم يعب من هو على مذهبه من المتفلسفين بهذه الدّعوى؟ ولكن عيّر (٨) المسلمين وعابهم بدعوى المنّانيّة لمانى! وكيف لم يعلّق هذا الجلجل فى عنق نفسه وأهل مذهبه!؟ فانّه أولى به وأحق ، اذ كان على مذهب هؤلاء الذين ادّعوا (٩) لبثاغورس هذه الدّعوى ، ولأفلاطن وأرسطاطاليس هذه الأكاذيب.
__________________
(١) اجانة : احانةA ، حانةC (٢) ـ حين : حتى B (٣) المنانية : المانيةB (٤) ـ من : ماA (٥) ـ له : ـ A (٦) واخفاه : فاخفاه B (٧) ـ المنانية : المانيةAB (٨) ـ عير : غيرAB (٩) ـ ادعوا : ـ A