منشقّا ؛ وقالوا عند ذلك هو من السّحر ، هذا سحر من سحره وحيلة من حيله. وهذه القصّة كانت بمكّة قبل الهجرة وأعداؤه متوافرون يتطلّبون (١) عليه العثرات. وهذه السّورة مكيّة والقرآن لا يقع فيه تغيير وتبديل وزيادة ونقصان وليست سبيله سبيل الخبر الّذي ادّعا الملحد أنّه نقله واحد واثنان وثلاثة ، وأنّه يجوز عليه التّواطؤ ؛ لأنّ الّذي نزل به القرآن سمعه الكافرون كما سمعه المسلمون ، ونطق بهذه القصص بمشهد من كفّار قريش وغيرهم من العرب ومن أهل الكتاب ، ثم ظهرت حقيقتها بعد نزول القرآن ، وظهر صدق محمّد (ص) فيها ؛ ثم القرآن نقلته الأمّة بأسرها ، ولم يقع فيه زيادة ونقصان. فهذا أوكد من أن يقدر أحد على إنكاره إلّا أن يجحده على معرفة ويقين أو مكابرة أو يقول إنّه سحر وكهانة ، كما قاله (٢) من شاهد هذه الآيات ، أو (٣) يكون جاهلا أحمق مثل الشّيخ الّذي ذكرنا قوله فى شأن عائشة وحديث الجمل ؛ وإلّا فمن (٤) يقدر أن ينكر حديث غلبة فارس على الجزيرة ، ثم غلبة الرّوم بعد ذلك (٥) ، فيقول : إنّ هذا لم يكن أو ينكر حديث غزوة بدر أو يقدر أن يقول إنّ هذا الّذي نطق به القرآن فى هذه القصص هو شيء قد زيد فيه. ومن ردّ هذا فقد ردّ العيان ونعوذ بالله من الكفر والطغيان.
__________________
(١) ـ يتطلبون : يطلبون B (٢) ـ قاله : قال C (٣) أو : وB (٤) ـ فمن : + اين C (٥) ـ ذلك : ـ B