على التّغلّب حتّى يكون مرجعه إلى الدّين ويقهر النّاس على ذلك الأصل وبتلك الرّيح ؛ كما نرى ، لو أنّ يهوديا أو نصرانيّا أو من كان من أىّ (١) ملّة غير ملّة الاسلام ، إن أراد أن يتغلّب فى دار الاسلام ، لما أطاق ذلك ولا قدر عليه. وهم مع إيثارهم أعراض الدّنيا على الآخرة ، غير شاكّين فى أمر الملّة حسب ما قد شرحناه. وكذلك (٢) السّبيل فى سائر الملل ، لا يقدر (٣) أحد أن يرأسهم (٤) حتّى يكون من أهل ملّتهم فى البلدان التى (٥) تغلّبوا عليها.
(٥) وما قال الملحد : إنّهم آثروا الدّنيا على الدّين ، لانهم شكّوا فى أمر الدّين ، فهو من أمحل المحال ، وهو ردّ للعيان (٦) ؛ لأنّ المتجاذبين فى أمر الدّنيا والمتنافسين فيها ، مرجعهم إلى الدّنيا ؛ ويجتمعون على كل متغلّب بريح الدّيانة فى كلّ ملّة على ما ذكرنا (٧) ؛ كما نرى من اقتداء هذه الأمّة بمن هو أولى بالخلافة ، وتفويضهم أمر الخلافة إليه. وكذلك من يرى الخلافة فى قريش ، يجعلونها فيمن هو مقدّم عندهم فى الدّين. وهكذا سبيل اليهود فى اقتدائهم بآل داود ؛ وكذلك سبيل كلّ أمّة ، وإن كان الأمر مختلطا عليهم من غلبة الأهواء (٩) ، فأصلهم على ما قلنا. وكذلك الملوك فى كلّ أمّة (٨) ، ملكوا (١٠) النّاس بريح الدّيانة ، ثم قويت أسبابهم بالتّغلّب ، ومع ذلك فانّهم حملوا النّاس على أحكام الدّين فى كلّ أمّة حتى انتظم أمرهم (١١) ، واستتبّ (١٢) أمر العالم بريح الدّين إلى الوقت المعلوم.
(٦) وكذلك قول الملحد : إنّه لو لا ما انعقد بين النّاس بأسباب الدّيانات ،
__________________
(١) ـ اى : ابى B (٢) ـ وكذلك : فكذلك B (٣) ـ لا يقدر : لا يقلدB (٤) يرأسهم : يرأس عليهم ABC (٥) ـ التى : + قدBC ـ (٦) ـ للعيان : العيان B (٧) ـ ذكرنا : قدمنا ذكرناC (٨) ـ كل امة : كلامه C (٩) ـ الاهواء : الهواءB (١٠) ـ ملكوا : ملوك AB ـ وقع فى الفقرة بين نمرة ١٥ ـ ١٧ و١٨ تقديم وتاخير فى نسخةB (١١) ـ امرهم : امرA (١٢) استتب : استت A ، استب C