من تقدمه وظاهر رسومه ، أتى برسوم تدلّ على المعانى التى دلّ عليها صاحبه ، وإن خالفه فى ظاهر ألفاظه. وكان (١) أصحاب الشّرائع من الأنبياء نفرا معدودين (٢) ؛ فأمّا سائر الأنبياء (ع) فانّهم كانوا يدعون إلى شرائعهم وأحكامهم ؛ وكان قصد أصحاب الشّرائع أجمعين ، لإقامة الدّين الحقيقىّ الّذي لا تفرّق فيه ولا اختلاف ؛ كما قال الله تعالى (٣) : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ (٤)).
فهذه الآية (٥) تدلّ على أنّ شرائعهم كلّها ، كانت تدعو إلى دين لا تفرّق فيه. وقال فى آية أخرى : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً). فهذه الآية تدلّ أنّ لكلّ واحد منهم شريعة غير شريعة صاحبه ، ومنهاجا غير منهاجه. فهذا (٦) فى ظاهر الامر (٧) مختلف كما ترى. فمن قدّر أنّ هذا تناقض ، وأنّ محمّدا (ص) مع ما وصفناه به (٨) من الكمال والجمع للاخلاق الجميلة التى ذكرناها ، كان لا يعقل ما يقول ، حين (٩) تلا على النّاس هذه الآية ، وعرّفهم أنّ (١٠) الله عزوجل شرع لهم من الدّين ما وصّى به (١١) نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى (١٢) ، وشهد لهم بالنّبوّة ، ثم أمرهم باقامة سنن غير سننهم وشرائع غير شرائعهم ، وأنّه كانت به من الغفلة ما لم يعرف معنى الآيتين ، أنّهما مختلفتان (١٣) فى ظاهر اللّفظ ، و (١٤) (أنّ) من حضره من أصحابه ، وأخذ واعنه الدّين (١٥) ، جهلوا ذلك ، فمن ظنّ هذا أو قدّره ، فقد جهل وعاند ؛
__________________
(١) ـ كان : ـ B (٢) ـ معدودين : B (٣) ـ تعالى : ـ A (٤) ـ وصينا به : + نوحا وB (٥) ـ الآية : ـ AC ـ (٦) ـ فهذا : فهذه A (٧) الامر : اللفظAC ـ (٨) ـ به : ـ B (٩) ـ حين : حتى B (١٠) ـ ان : ـ B (١١) ـ به : ـ B (١٢) وعيسى : ـ B (١٣) ـ مختلفتان : مختلفان B (١٤) و : اوC (١٥) ـ الدين : الذين C