ويحصل على ما يريد منهم من الدنيا ، وقد عمل حيلة لتوصيل الحسين بن القاسم إلى الوزارة بطلب من أبي القاسم بن الزنجي ، وقد حدّث ابن الزنجي عن هذا الامر فقال :
إن رجلاً بمدينة السلام يُعرَف بالدانيالي ، كان يلزمني ويبيت عندي ويخرج إليّ بسرّه ويحدّثني أنّه يظهر كتباً ينسبها إلى دانيال بخط قديم ، ويودع تلك الكتب أسماء قوم من أرباب الدولة على حروف مقطّعة إذا جمُعت فُهمت ... إلى أن يقول : فلم أزل أطالبه حتّى أعلمني أنّه لايستوي على ما يريد حتى لا يُشكّ في قدمه وعتقه في أقل من عشرين يوماً ، وأنّه يحتاج أن يجعله في التبن أياماً ثمّ يجعله في الخُفّ ويمشي فيه أيّاماً ، وأنّه يصفر ويعتق ...
فلمّا بلغ المبلغ الذي قدر ، صار إليَّ وهو معه وأرانيه ، فوقفت على الفصل ، ورأيت دفتراً لولا ما عرفته من الأصل لحَلفتُ على أنّه قديم لا شك فيه ... (١).
وعليه فظاهرة اختلاق النسخ وتزويرها وتعتيقها لا يمكن إنكارها ، وقد كانت متفشّية آنذاك ، وقد زُوِّرت رسائل كثيرة ـ على مرّ التاريخ ـ على لسان هذا أو ذاك ، وخُتمت بمهور لايعلم عنها صاحبها ، منها الرسالة المختومة بختم عثمان إلى والي مصر والتي أدّت إلى مقتله (٢) وأمثاله ، ونحن قد اكتفينا ـ في هذه الدراسة ـ بتقديم
__________________
(١) تجارب الأمم ٥ : ٢٩٥ ، خلافة المقتدر بالله ، ذكر السبب في تقلد الحسين بن القاسم الوزارة.
(٢) أنظر تاريخ الطبري ٢ : ٦٦٦ حوادث سنة ٣٥ ، والكامل في التاريخ ٣ : ٦٠.