نموذجين واقعيين من التاريخ : أحدهما عن المسمّى بالدانيالي ، والآخر عن المعروف بالأحدب ، وهو غيض من فيض ، وهو بنظرنا كاف لكي يدعونا للحيطة والحذر من القبول بكل شيءٍ منسوب إلى الأئمّة أو الأنبياء قولاً أو فعلاً أو تراثاً إلّا بعد الدراسة والتأنّي والتثبّت.
فكما أنّ الإثبات يحتاج إلى دليل كذلك النفي هو الآخر يحتاج إلى دليل أيضاً ، فلا يجوز نفي شيء عن الله أو رسوله أو الوصي إلّا بدليل من الله ورسوله صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين علي عليهالسلام ، فقال سبحانه : (قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى الله تَفْتَرُونَ) (١).
وحتّى أنّ الرسول الأعظم كان لا يجيز تغيير كلامه أو نسبة شيء إليه ما لم يقله بل كان يلزم الآخرين عدم تكذيب قوله والأخذ بالهوى والرأي بل كان يدعوهم إلى الأخذ بما له أصل عندهم إذ قال : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد (٢).
كما جاء عن الأئمة عليهمالسلام قولهم : ما أحد أكذب على الله وعلى رسوله ممن كذّبنا أهل البيت أو كذب علينا لأنّه إذا كُذّبنا أو كُذّب علينا فقد كُذّب الله ورسوله لأنّا إنما نحدّث عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله (٣).
وجاء عنه ايضاً : الناس سلكوا سبل شتّى منهم من أخذ بهواه ومنهم من أخذ برأيه وإنّكم أخذتم بما له أصل (٤).
__________________
(١) سورة يونس : ٥٩.
(٢) صحيح البخاري ٢ : ٩٥٩ / ٢٥٥٠.
(٣) قرب الإسناد : ٣٥٠ ، مستدرك الوسائل ٩ : ٩١ / ح ١٠٣٠٩.
(٤) المحاسن : ١٥٦ / ٨٧ ، الكافي ٨ : ١٤٦ / ح ١٢١.