فإذا لم يُدْعَ إلى هذا الأمر الخطير ، فإلى أيّ شيءٍ يُدعى؟!
وإذا كانوا قد انتحلوا معاذير ليسوِّغوا بها تخطّيهم إيّاه في أمر خلافة أبي بكر فلَمْ يسألوه عنها ولم يستشيروه فيها ، فبأيّ شيءٍ يعتذرون من عدم دعوته لأمر كتابة القرآن؟ فبماذا نعلّل ذلك؟ وبماذا يحكم القاضي العادل فيه؟ حقّاً إنّ الأمر لعجيب ، وما علينا إلّا أن نقول كلمةً لا نملك غيرها ، وهي : لك الله يا عليّ ، ما أنصفوك في شيء! (١)
إذن ليس لأحدٍ أن ينكر وجود مصحف للإمام ، لأنّ كثرة الناقلين والمخبرين والراوين لخبر مصحف الإمام عليّ عليهالسلام في الصحاح والسنن والمسانيد وفي أهم الكتب الحديثية والتاريخية واللغوية عند الفريقين على مرّ التاريخ ومن جميع أطياف الفريقين ـ محدِّثين كانوا أم مؤرّخين ، لغويّين أم مفسّرين ، فقهاء أم متكلّمين (٢) ـ وفي القرون الأولى ، لَتُوجِدُ في النفس اطمئناناً في صحّة ماقيل عن وجود مصحف للإمام عليهالسلام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وكذا يؤيّده دعوى ابن النديم من مشاهدة ذلك المصحف عند أبي يعلى حمزة الحسني قد سقط منه أوراق يتوارثونه بنو حسن ، أو عند آل جعفر (٣).
__________________
(١) أضواء على السنّة المحمّدية : ٢٤٩.
(٢) وضّحنا كل ذلك في المجلدالاول من كتابنا (جمع القرآن) فراجع.
(٣) فهرست ابن النديم : ٣٠.