وهذا النص وغيره يفهمنا بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أراد أن يحفظ شريعته ، بواسطة التدوين عند أهل بيته وغيرهم ، لتبقى المدوَّنات ذخراً وتراثاً علميّاً لأجيال المسلمين على مرّ التاريخ.
وعليه فالإمام أمير المؤمنين مضافاً إلى تدوينه : المصحف (المنزل) و (المفسَّر) ، فقد كانت له كتبٌ كثيرة أُخرى : كالجفر والجامعة وكتاب علي ، وقد حُكي عن معاوية قوله :
إنّي شهدت رسول الله أملى على علي بن أبي طالب كتاباً ، وكان يتفقّد مقاطع الكلام كتفقّد المصرم صريمته (١).
ويضاف إليه : أنّ أحداً من المسلمين لم يجرأ على ادّعاء حيازة علم الكتاب كلِّه سوى أمير المؤمنين عليهالسلام ، اذ دعا عليهالسلام (٢) النّاس لسؤاله عن كتاب الله ، فكان عليهالسلام يكرّر قوله ـ من أوّل استلامه للخلافة الظاهرية إلى أوان شهادته ـ بأنّه مستعدّ للإجابة عَن جميع الأمور ومن القرآن الكريم على وجه الخصوص ، خلافاً لمن سبقه من الخلفاء ـ كالذي كان يضرب هذا وذاك ، لسؤاله عن بعض الأشياء ، وقد ضرب صبيعاً وجعله وضيعاً بعد أن كان سيداً في قومه بدعوى تعمقه في السؤال عن متشابه القرآن (٣) ـ.
__________________
(١) الصناعتين للعسكري : ٤٣٩ ، الفصل الثاني في ذكر المقاطع.
(٢) بصائر الدرجات : ١٨٧ / ٢٢ ، باب ما عند الأئمّة عليهمالسلام من سلاح رسول الله صلىاللهعليهوآله ، الإمامة والتبصرة : ٥٤ / ح ٣٨ ، الباب ٦.
(٣) انظر سنن الدارمي ١ : ٦٦ / ١٤٤ ، وعنه في الإتقان ٢ : ٩ / ٣٧٧٣.