من أسباب رد مصحف الإمام
نعم ، إنّ الحكّام الخلفاء تركوا الأخذ بالمصحف المفسّر ، لأنهم كانوا يخافون من تعرّف الآخرين على أسماء المنافقين منهم ، والوقوف على أحقّية أهل البيت ، من خلال ما جمعه الإمام علي عليهالسلام من إملاءات رسول الله صلىاللهعليهوآله في يوميات الدعوة الاسلامية (١).
لذلك كانوا لا يريدون أن يستجيبوا لشرط الإمام بأن يكون هو عليهالسلام مع القرآن يفسّره لهم ويحكم وفقه ، في حين أنّ الإمام اشترط عليهم ذلك لاعتقاده بأنّ الكتاب والعترة لا يفترقان (٢).
وبهذا فقد عرفت بأنّ المصحف المُفسَّرُ هو غير المصحف المُجرَّد في ترتيبه وإضافاته ، وإنّ الإمام عليهالسلام قدّم المفسَّر للقوم ـ دون المجرَّد ـ مع علمه بعدم استجابتهم للأَخذ به ، وذلك لصعوبة ما جاء فيه من حقائق تحرج الآخرين ، ولوجود علوم خاصّة بالإمام لا يمكنهم فهمها كما هي إلّا بواسطته ، لأنها من ودائع النبوّة ، لكنه قدّمها لهم إتماماً للحجّة عليهم ليس إلّا.
أمّا المصحف المجرّد عن التفسير ، فبقي عنده لفترة من الزمن ولم يقدمه للشيخين ، ذلك لأُنس الصحابة بالقرآن وقراءتهم لسوره ، ولقرب عهدهم
__________________
(١) انظر الاحتجاج للطبرسي ١ : ٢٢٥ رواية أبي ذر الغفاري.
(٢) إثبات الوصية : ١٢٣ ، وعنه في بحار الأنوار ٢٨ : ٣٠٧ / ٤٠.