وقال يحيى بن سعيد الأنصاريّ ، عن عبيد بن حنين : حدثني الحسين بن عليّ ، قال : أتيت عمر وهو يخطب على المنبر فصعدت إليه فقلت : انزل عن منبر أبي ، واذهب إلى منبر أبيك. فقال عمر : لم يكن لأبي منبر. وأخذني فأجلسني معه أقلّب حصى بيدي ، فلما نزل انطلق بي إلى منزله ، فقال لي : من علّمك؟ قلت : والله ما علّمني أحد. قال : بأبي ، لو جعلت تغشانا. قال : فأتيته يوما وهو خال بمعاوية وابن عمر بالباب ، فرجع ابن عمر فرجعت معه فلقيني بعد قلت فقال لي : لم أراك. قلت : يا أمير المؤمنين ، إني جئت وأنت خال بمعاوية ، فرجعت مع ابن عمر. فقال : أنت أحقّ بالإذن من ابن عمر : فإنما أنبت ما ترى في رءوسنا الله ثم أنتم. سنده صحيح وهو عند الخطيب.
وقال يونس بن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث : بينما عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظلّ الكعبة إذ رأى الحسين مقبلا ، فقال : هذا أحبّ أهل الأرض إلى أهل السّماء اليوم.
وكانت إقامة الحسين بالمدينة إلى أن خرج مع أبيه إلى الكوفة فشهد معه الجمل ثم صفّين ثم قتال الخوارج ، وبقي معه إلى أن قتل ، ثم مع أخيه إلى أن سلّم الأمر إلى معاوية ، فتحوّل مع أخيه إلى المدينة واستمر بها إلى أن مات معاوية ، فخرج إلى مكة ، ثم أتته كتب أهل العراق بأنهم بايعوه بعد موت معاوية فأرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب فأخذ بيعتهم ، وأرسل إليهم فتوجّه ، وكان من قصّة قتله ما كان.
وقال عمار بن معاوية الدّهني : قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسن : حدثني عن مقتل الحسين حتى كأني حضرته ، قال : مات معاوية والوليد بن عتبة بن أبي سفيان على المدينة فأرسل إلى الحسين بن علي ليأخذ بيعته ليلته ، فقال : أخّرني ، ورفق به ، فأخّره ، فخرج إلى مكّة ، فأتاه رسل أهل الكوفة : إنّا قد حبسنا أنفسنا عليك. ولسنا نحضر الجمعة مع الوالي ، فأقدم علينا. وقال : وكان النعمان بن بشير الأنصاري على الكوفة ، فبعث الحسين بن علي إليهم مسلم بن عقيل ، فقال : سر إلى الكوفة فانظر ما كتبوا به إليّ ، فإن كان حقا قدمت إليه.
فخرج مسلم حتى أتى المدينة ، فأخذ منها دليلين ، فمرّا به في البريّة ، فأصابهم عطش فمات أحد الدليلين ، فقدم مسلم الكوفة ، فنزل على رجل يقال له عوسجة ، فلما علم أهل الكوفة بقدومه دبّوا إليه ، فبايعه منهم اثنا عشر ألفا ، فقام رجل ممن يهوى يزيد بن معاوية إلى النّعمان بن بشير ، فقال : إنك ضعيف أو مستضعف ، قد فسد البلد ، قال له النّعمان : لأن أكون ضعيفا في طاعة الله أحبّ إليّ من أن أكون قويّا في معصيته ، ما كنت لأهتك سترا.