عدد لا يحصون ، لكن يعرف الواحد منهم بوجود ما يقتضي أنه كان في ذلك الوقت موجودا ، فيلحق بالقسم الأول أو الثاني لحصول رؤيتهم بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن لم يرهم هو. والله أعلم.
الفصل الثالث
في بيان حال الصحابة من العدالة
اتفق أهل السنّة على أنّ الجميع عدول ، ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة.وقد ذكر الخطيب في «الكفاية» فصلا نفيسا في ذلك ، فقال : عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم ، وإخباره عن طهارتهم ، واختياره لهم ، فمن ذلك قوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران : ١١٠]. وقوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) [البقرة : ١٤٣].وقوله : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ) [الفتح : ١٨]. وقوله : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) [التوبة : ١٠٠]. وقوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الأنفال : ٦٤]. وقوله : (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً ، وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ...) إلى قوله : (إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) [الحشر : ٨ : ١٠] ـ في آيات كثيرة يطول ذكرها ، وأحاديث شهيرة يكثر تعدادها ، وجميع ذلك يقتضي القطع بتعديلهم ، ولا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله له إلى تعديل أحد من الخلق ، على أنه لو لم يرد من الله ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد ، ونصرة الإسلام. وبذل المهج والأموال ، وقتل الآباء والأبناء (١) ، والمناصحة في الدين ، وقوة الإيمان واليقين ـ القطع على تعديلهم ، والاعتقاد لنزاهتهم ، وأنهم أفضل من جميع الخالفين بعدهم ، والمعدلين الذين يجيئون من بعدهم.
هذا مذهب كافة العلماء ، ومن يعتمد قوله.
ثم روى بسنده إلى أبي زرعة الرّازيّ ، قال : إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاعلم أنه زنديق ، وذلك أن الرسول حقّ ، والقرآن حق ، وما جاء به حق ،
__________________
(١) في ج ، ه الأولاد.